وفي ظل النقص الذي يعانيه السوق في أعداد المهندسين أصحاب الكفاءات، بدأت الشركات التكنولوجية تتنافس في ما بينها من أجل التعاقد مع الموظفين المؤهلين والقادرين على كتابة البرامج اللازمة للمنتجات والخدمات الجديدة. ولم تخجل أي من هذه الشركات من اللجوء إلى الأساليب الملتوية لتحقيق هذه الغاية، كإقدامها خلسةً على التعاقد مع الكفاءات سراً. ويُقال إن أكثر الشركات المهددة في هذا الصراع المعلن والخفي في آن واحد هي شركة "غوغل"، المعروف عنها منذ فترة طويلة حرصها الدؤوب على الاستعانة بالأشخاص ذوي القدرات العقلية المبدعة في هذا المجال. كما أن الشركة مُحاصرة الآن من شبكة التواصل الاجتماعي الأشهر على الإنترنت "فايسبوك" وغيرها من الشركات التي تحاول إغراء تلك الكفاءات. وقد يكون خير دليل على هذا التنافس الشرس، القرار الذي اتخذه قبل أسابيع لارس راسموسين، المؤسس العبقري الذي شارك في وضع خدمة "خرائط غوغل" وأحد أبرز خبراء الشركة على مدى ستة أعوام ، بالانتقال إلى "فايسبوك" والانضمام إلى أكثر من 200 موظف سابق بـ"غوغل" يعملون اليوم في أكثر مواقع التواصل الاجتماعي شهرةً وجماهيرية على الشبكة العنكبوتية. وحرصاً على إتمام تلك الصفقة، قام مارك زوكربيرغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع فايسبوك، بالتدخل شخصياً من أجل إقناع راسموسين بتحويل وجهته من مكتبه في شركة "غوغل" في مدينة سيدني الأوسترالية، إلى المقر الرئيسي لشبكة "فايسبوك" التي تضم ألفي موظف، في مدينة بالو ألتو الأميركية. وفي وقت يدير فيه "فايسبوك" أعمالاً تقل في حجمها بكثير عما تقوم به "غوغل"، إلا أن واحداً من بين كل خمسة موظفين قد سبق لهم العمل في "غوغل"، بما في ذلك رئيس العمليات التنفيذي شيريل ساندبرغ، والطاهي التنفيذي جوزيف ديسيموني، الذي يقوم بإعداد وجبات طازجة لموظفي الموقع الإجتماعي.
من جهته، رفض "فايسبوك" الاتهامات التي تتحدث عن استهدافه العاملين بـ"غوغل"، وأكد ان إدارة الموقع تسعى إلى التعاقد مع أبرز الموظفين أينما يكونوا. وفي هذا السياق، يقول توماس أرنولد، مدير التوظيف في الموقع، إنه "من الضروري بالنسبة الينا أن نعثر على أفضل المواهب، وإذا أتت تلك المواهب من "غوغل" فسيكون هذا أمر عظيم، وإن جاءت من شركة "هيوليت باكارد" فسيكون أمر أعظم، وإن أتت من شركة مبتدئة لم نسمع عنها فهذا أمر عظيم أيضاً". وبينما تثار الآن رزمة من التساؤلات حول مدى القدرة التي تتمتع بها "غوغل" للاحتفاظ بمستوى المواهب والكفاءات العاملة لديها، في ظل تمتعها بإمكانات هائلة وما تواجهه من منافسة شرسة، فإن المناوشات الدائرة الآن من أجل الاحتفاظ بالمواهب، أدت إلى دفع تعويضات وظهور سيل من العروض والعروض المضادة، كالعرض الذي تصدّت من خلاله شركة "غوغل" لعرض تقدم به "فايسبوك" للتعاقد مع أحد مطوري البرامج العاملين في عملاق محركات البحث، حيث تعهّد مسؤولو "غوغل" زيادة راتبه الذي يقدر بـ 150 ألف دولار بنسبة 15 في المئة، وزيادة فوائد الأسهم التي يحصل عليها بمقدار أربعة أضعاف، ومنحه مكافأة نقدية تقدر بـ 500 ألف دولار من أجل البقاء في الشركة بصورة سنوية. ويُشار الى انه رغم بلوغ معدل البطالة في كاليفورنيا نسبة 12.4 في المئة، إلا أن قائمة الوظائف التكنولوجية ترتفع بنسبة 62 في المئة سنة تلو اخرى في منطقة وادي السيليكون، والتي شهدت نمواً خلال أحد عشر شهراً متتالياً. وقال المدير المالي لشركة "غوغل" باتريك بيشيت، "نعتقد أن هذا الاتجاه سيتسارع في غضون الـ18 شهراً المقبلة. ونحن نعتقد بقوة أن الفرق بين الفائزين والخاسرين في صناعتنا سيتم تحديده إلى حد كبير بمن يمتلك القدرة على الاستمرار في جذب أفضل العقول والمحافظة عليها". بينما قال الرأسمالي، مارك آندرسن، إن سوق التوظيف تعتبر أصعب تحد في وادي السيليكون، "حيث يمكن للمهندس الجيد أن يحصل بسهولة على 10 عروض للالتحاق بوظائف جديدة".
ليال كيوان النهار