فإطلاق تطبيق iBreviary عام 2008 (لأجهزة الآي فون والآي بود، وهو أول تطبيق مُعتَمد من قِبَل الفاتيكان والمتضمن خدم القداديس وباقي خدم الأسرار المقدسة والخدم التقديسيةευχολόγιον / Missal بلغات مختلفة) وانتشار التطبيقات الكنسية المتنوعة، والتطور والانتشار السريعين لأجهزة الكومبيوتر اللوحية والهواتف الذكية، دفع بعض الكهنة إلى استخدام هذه الأجهزة خلال القداس الإلهي وفي الخدم الليتورجية المتعددة لسهولة الاستخدام وللميزات العديدة التي تقدمها، فيقول أحد الكهنة مثلاً بأنه يستفيد من هذه التطبيقات أثناء سفره إلى بلدان لا تكون الكتب الليتورجية متوفرة فيها بلغته الأصلية، حيث يلجأ إلى استخدام تطبيق الآي باد للاحتفال بالقداس الإلهي بلغته التي يعرفها، فلا يكون بحاجة لحمل العديد من الكتب معه في حين أنه يمكنه تخزينها كلها في هذا الجهاز الصغير.
ويشير كاهن آخر إلى أنه عادة يحمل معه كل ما يلزمه خلال القداس في ملف أسود، من ملاحظات افتتاحية، إلى قراءات اليوم، بالإضافة إلى العظة وبعض الإعلانات العملية للمؤمنين، ويقول أنه باستخدام الآي باد بات يستطيع وضع كل شيء في مكان واحد، مشيراً أيضاً إلى تطبيق iBreviary الذي يحتوي على كل ما يلزمه من نصوص للقداس الإلهي.
كل ما سبق أثار التساؤل التالي: هل يجوز استعمال الأجهزة الالكترونية (iPad، الكومبيوترات اللوحية المتنوعة Tablets، الهواتف الذكية، e-readers) عوضاً عن كتب الصلوات التقليدية في نسختها المطبوعة أثناء الاحتفال بالقداس الإلهي؟
أساقفة نيوزلندا قالوا كلمتهم بالرفض، بعد أيام قليلة من استخدام أحد الكهنة للآي باد خلال القداس، موجهين كهنتهم إلى عدم الاستعاضة عن الكتب الطقسية بنسخها المطبوعة بهذه الأجهزة أثناء الاحتفال بالذبيحة الإلهية أو بأي خدم ليتورجية أخرى. وقد صرّح الأساقفة بأن استخدام تطبيقات الآي باد للكتب الطقسية Roman Missal apps، واستخدام الكومبيوترات اللوحية والهواتف الذكية، تعتبر مثالية لأغراض دراسية وأكاديمية، ولكن يبقى من غير اللائق استعمالها لإقامة الخدم الليتورجية.
في رسالة موقّعة من أساقفة نيوزلاندا وموجهة إلى كهنتهم، قال الأساقفة أن كل الديانات تمتلك كتباً خاصة لإقامة الطقوس والشعائر الدينية، وهذه الكتب تشكل عنصراً جوهرياً في إيمان كل من هذه الديانات، و كتاب الصلوات الطقسية الكاثوليكية يُعتبر أيضاً كواحد من هذه الكتب.
"كتاب الصلوات الطقسية هو محفوظ ومخصص للاستخدام أثناء الخدم الليتورجية. بينما الآي باد والأجهزة الإلكترونية الأخرى لها استخدامات متعددة، على سبيل المثال: الولوج إلى الانترنت، مشاهدة مقاطع الفيديو، تصفّح البريد الالكتروني والألعاب الالكترونية. وهذا كاف ليجعل من استخدامها في الخدم الليتورجية أمراً غير لائق" صرّح أساقفة نيوزلاندا.
الأب أنطونيو سبادارو، مدير مجلة La Civiltà Cattolicaوعضو المجلس الحبري لوسائل الاتصالات الاجتماعية، علّق بدوره على الموضوع قائلاً أنه لا يجب استبدال الكتب الطقسية بالأجهزة الالكترونية في الكنيسة.
تكلّم الأب سبادارو عن ما لاحظه أساقفة نيوزلندا، فمع الانتشار الواسع للقراءة الرقمية تمّ فصل "النص" بشكل نهائي عن الواقع المادي "للصفحة". فما هو التحدي الذي يشكله انتقال النصوص إلى الشاشة بالنسبة "للكتب المقدسة"؟ يشرح الأب سبادارو موضحاً أنه وقبل كل شيء، عندما تنتقل النصوص المقدسة إلى شاشات الأجهزة الالكترونية تصبح "شيئاً" متدفقاً على العكس تماماً من "لوحي الوصايا". ليس ذلك فحسب، بل إن النص الليتورجي يمكن أن يختفي بسهولة من الشاشة معطياً مكانه لأفلام الفيديو وصفحات الانترنت والبريد الالكتروني. "النص" ينفصل عن الواقع المادي "للصفحة" متحولاً إلى شيء "عائم" على الشاشة وبدون أن يتوافق معها بشكل مطلق.
لذلك – يتابع الأب سبادارو – في الوسائط الرقمية، لم تعد "الصفحة" تمثل نوعاً من "الأيقونة" المنقوشة على المخطوطات كما كانت تُكتب الأناجيل في عصور سابقة، ولكنها تحولت إلى "شاشة". ونتيجة ذلك: "أن كل العبادة انتقلت إلى الرسالة: فالصفحة أصبحت مؤقتة، والكتاب أصبح من المُلحقات. رسالة أساقفة نيوزلندا تُبيّن أن صفحات الكتب المقدسة في الخِدم الليتورجية يُنظر إليها كما الأيقونة."
وأشار الأب سبادارو إلى التطبيقات المختلفة وسهولة استعمالها مثل iBreviary، وأنه من الممكن استعمالها لتلاوة الصلوات اليومية – صلاة الصباح وصلاة المساء – ومتابعة قراءات النهار، ولكن تبقى صفحات الإنجيل المقدس غير قابلة للاستبدال بنسخة الكترونية خلال القداس الإلهي فهي تشكل ركيزة أساسية من ركائز العبادة المسيحية، ويبقى استعمال الأجهزة الالكترونية غير لائق أثناء الاحتفال بالقداس الإلهي والخدم الليتورجية. ويعلّق قائلاً: "من غير المنطقي أن يُحمَل الآي باد أو أي جهاز الكتروني آخر أثناء القداس الإلهي، أو أن يتم تقبيل "شاشة" عوضاً عن الكتب المقدسة خلال القداس".
في دراسة أجرتها الجامعة الحبرية للصليب المقدس وجامعة لوغانو عام 2010، أظهرت أن 17.5 بالمائة من كهنة العالم يستخدمون الانترنت أقله مرة في اليوم أثناء تلاوتهم للصلوات اليومية، بينما أكثر من 36 بالمائة يفعلون ذلك أقله مرة في الأسبوع.
بقلم كاتيانا عبد الأحد / زينيت