خرج عشرات المدوّنين والصحافيّين مهاجمين فيراري، ومن خلفها قناة TF1 الفرنسية، التي بثّت المقابلة في نشرتها الإخبارية.
سبب هذا الهجوم العنيف، كان بالدرجة الأولى، ارتداء فيراري شالاً أبيض على رأسها أثناء إجراء المقابلة «لأنّ القوانين الإيرانية تفرض ذلك، وإلّا كان يمكن أن أتعرّض للاعتقال» قالت الصحافية في أكثر من مقابلة.
ولكن هذه التصريحات لم تخفّف من وطأة الانتقادات الموجّهة إليها، فتساءل فيليب بيلجيه في مجلة «ماريان» الأسبوعية الفرنسية «ألم تكن لورانس فيراري تمثّل في هذه المقابلة جزءاً من الديموقراطية الفرنسية التي جرى الاستهزاء بها؟». وفي المجلّة نفسها، اتّهم فيليب كوهين الإعلامية الأربعينية بالسعي إلى سبق صحافي «مهما كان الثمن». وتساءل إن كانت فيراري «مكلّفة بإيصال رسالة معيّنة إلى نجاد».
وفي أسبوعية «لو بوان»، ذكّر الكاتب إيمانويل بيريتا بالنقاش الدائر في فرنسا بشأن ارتداء النقاب. ورأى أنه كان أمام TF1 حلّ آخر يقضي بإرسال صحافي رجل، بدل فيراري إلى إيران. لكنّ الصحافي عاد ليؤكّد أنه لو حصل ذلك، لكانت القناة الفرنسية ستُتَّهم بالتمييز بين صحافيّيها النساء والرجال. وردّت فيراري على «لو بوان» بالقول إنّ كل الحملة التي انطلقت ضدّها غير منطقيّة «لقد ارتديت الحجاب منذ عام حين كنت في إيران لإجراء تحقيقات خاصة»، ويومها لم يهاجمها أحد.
غير أن الحملة ضدّ فيراري، لم يكن سببها فقط أنها ارتدت الحجاب. بل رأى كثيرون أنّ المقابلة قدّمت خدمة مجانية للرئيس الإيراني قبل فترة قصيرة من الذكرى الأولى لاندلاع «الثورة الخضراء»، التي تلت إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد. «استطاع نجاد خلال سبع دقائق و31 ثانية تحسين صورته في عيون الكثير من الفرنسيّين» كتب أرمين عارفي في صحيفة «لو موند». وهو ما كرّرته معظم الصحف الفرنسية.
أما «لو فيغارو»، فكانت الوحيدة التي واكبت كواليس إجراء المقابلة «التي بدأ الإعداد لها قبل عام تقريباً… الجمعة في (الرابع من الحالي) سافرت لورانس إلى إيران، ثمّ صباح السبت توجّهت إلى القصر الرئاسي». وفي القصر، أجرى فريق العمل حوارات أوّلية مع المحيطين بالرئيس الإيراني «ليقترحوا علينا طرح بعض الأسئلة، لكننا بالطبع لم نكترث لها، بل تمكّنا من طرح كل الأسئلة التي نريدها عن الملف النووي، وإسرائيل… ولم تكن هناك أيّ رقابة من جهتهم» تقول فيراري لـ«لو فيغارو». أمّا الشرط الإيراني الوحيد، فكان أن يقوم المصوّرون الإيرانيون بتصوير المقابلة بدلاً من مصوّري TF1.
وقد أعادت هذه الحادثة إلى الأذهان ما حصل مع وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي عام 2008. يومها ارتدت راي الحجاب لمقابلة الرئيس الإيراني نفسه، وحالما عادت إلى بلادها بدأت حملة انتقادات قاسية ضدّها. لكنّ الوزيرة وجدت طبعاً الطريقة المناسبة للخروج من مأزقها، ودغدغة مشاعر الجمهورَين السويسري والأوروبي «من دون الحجاب، لم يكن هناك مجال لحوار مباشر مع نجاد، ولا إمكان لأقول له إنّ فكرة إزالة إسرائيل من الوجود فكرة غير مقبولة»!
الأخبار