ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الشكر الذي دعت اليه “كاريتاس لبنان” لمناسبة تسليم الخوراسقف سيمون فضول رئاسة كاريتاس لبنان الى رئيس كاريتاس الجديد الخوري بول كرم على مذبح الباحة الخارجية للصرح “كابيلا القيامة”، عاونه فيه النائب البطريركي العام المطران بولس الصياح وراعي أبرشية جبيل المارونية والقائم على أعمال كاريتاس المطران ميشال عون، الخوراسقف سيمون فضول والاب بول كرم، بمشاركة السفير البابوي في لبنان المطران غابريال كاتشيا، ممثلون عن أصحاب الغبطة بطاركة الشرق الكاثوليك وأعضاء مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان ، في حضور وزيرة المهجرين أليس شبطيني، النائب السابق مهى الاسعد خوري، عائلة كاريتاس لبنان الكبرى وحشد من المؤمنين، اضافة الى عائلتي الخوراسقف فضول والخوري كرم.
في بداية القداس كانت كلمة الخوراسقف سيمون فضول الذي قال: “تحية محبة بنوية لكم يا صاحب الغبطة والنيافة مع أصحاب الغبطة والسيادة وكل أعضاء مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان ، وقد شرفتموني بانتخابي، لأربع سنوات خلت، رئيسا لرابطة كاريتاس لبنان، ذراع الكنيسة الاجتماعي الانساني، وقد حضرتم اليوم لتشاركونا، كاريتاس وخوري بول وأنا، قداس الشكر لله على نعمه الكثيرة، سيما وأني أتهيء للانطلاق إلى رسالة جديدة انتدبتني لها الأم الكنيسة إلى جانب موارنة غرب إفريقيا ووسطها، وبالتالي في طور تسليم الوديعة إلى أخي الخوري بول كرم. إنها مناسبة لتجديد الشكر لكم على الثقة الغالية التي وضعتموها بشخصي ، آملا أن تكون الخدمة التي أديتها، والتي استثمرت فيها الوزنات التي حباني الرب، قد أتت بالثمار المرجوة وساهمت بتقدم الرابطة وبتظهير صورة الكنيسة الحنونة والمحبة”.
أضاف: “منذ انتخابه على السدة البطرسية، والبابا فرنسيس يركز على أهمية تجسيد محبتنا المسيحية أفعالا تجاه “كل هؤلاء الصغار” الذي أوصانا بهم الرب، بعطف كبير، ولكن بمهنية علمية وأداء راق. وهذا ما حاولت القيام به طيلة السنوات الأربع الأخيرة بالتعاون مع العاملين والمتطوعين كي تبقى صورة كاريتاس لبنان صورة بهية إيجابية تركز على جوهر الرسالة التي أوكلتها إياها الكنيسة: أي كرامة الفقراء والمسنين والمهمشين والأطفال المتروكين والنساء المعنفات والعاملات الأجنبيات واللاجئين والمهجرين… وقد تذكرنا بالأمس مرور ثلاث سنوات على بداية الحرب في سوريا وبالتالي بداية التهجير واللجوء وموجات القهر المتلاحقة… وفي هذا الإطار، ومنذ اليوم الأول لمسيرة الآلام هذه، ما برحت كاريتاس تمسح الدموع، وتلملم الجراح، وتواسي المتألمين من إخوتنا النازحين. نصلي معا كي يضع الرب نهاية لهذه الحرب القاتلة للناس والأوطان ويدمل جراح كل المتألمين”.
قيل: “حيث يتألم الناس ويعانون هناك يكون الله حاضرا يبكي قساوة البشر! هناك أيضا تحضر الكنيسة لتمسح دموع الله إذ تلمس حياة الأكثر حاجة بلمسة الرحمة والحنان. وقد شرف قداسة البابا كاريتاس حين وصفها “بلمسة الكنيسة المحبة تجاه أبنائها”!
أشكر الله على “النعمة الفائقة التي وهبني من خلال خدمتي في كاريتاس لبنان، وقد أتاح لي ان أنحني بمحبة وإجلال أمام آلام ومعاناة الكثيرين من إخوتنا اللبنانيين ومن الإخوة المقيمين على أرض لبنان. أشكره لأنه سمح لي بأن ألتقي أناسا، في لبنان وعبر العالم، كرسوا حياتهم لخدمة الآخر وقضايا الانسانية. أشكره على الأشخاص الذين قرعوا باب كاريتاس وسمعوا جوابا محبا، وعلى أولئك الذين قرعت بابهم لمساعدة الآخرين ووجدت تجاوبا رائعا. الخيرون في وسطنا ما زالوا كثيرين، وتبقى مسؤوليتنا كبيرة أن نعرف كيف نرسم لهم طريق الخير في سبيل إنسانية أكثر إنسانية”.
أشكركم يا صاحب الغبطة والنيافة كما أشكر مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان مجتمعا على تشجيعكم المستمر وعلى دعمكم الدائم لكاريتاس. أشكر أعضاء الجمعية العمومية في كاريتاس لبنان على تعاونهم وثقتهم خاصا بالتحية أعضاء المكتب والمجلس، وسائلا الله أن يبارك جهودهم، طالبا إليهم أن يقفوا إلى جانب الخوري بول كرم ويدعموه في كل ما يقوم به كرئيس للرابطة محافظين على روحانية كاريتاس المشبعة بروح المسيح. كما أتوجه بالشكر من كل المحسنين إلى كاريتاس، أفرادا ومؤسسات، في لبنان والخارج. وأشكر أيضا كل العاملين فيها وقد أثبتوا مهنية عالية وأخلاقية رفيعة في كل ما أنيط بهم من مسؤوليات ومهمات ، طالبا إليهم التعاون مع الرئيس الجديد والتجاوب مع أسلوبه القيادي وتطلعاته المؤسساتية”.
وتابع: “أما أنت يا أخي الخوري بول الرئيس الجديد للرابطة، ها أنا اليوم أسلمك الأمانة أمام الكنيسة مجتمعة وقد وضعت ثقتها بشخصك، متأكدا أنك ستقوم بالمهمة خير قيام. أحملك في صلاتي وأسأل الرب أن يكون رفيق مسيرتك هذه. أمامك الكثير من التحديات والقضايا، تعامل معها بمحبة واحتراف ، وتأكد أن يد الرب معك في كل ما تقوم به. برباط المحبة والصلاة والسلام نبقى متحدين على الرغم من بعد المسافات واختلاف الجغرافيا. ولتكن نعمة الرب معنا جميعا. وشكرا”!
الاب كرم
وألقى الاب كرم كلمة قال فيها: “بهذه التوصية المفعمة بروح العطاء واندفاع الخدمة اللامتناهيتين، يحثني الرسول بولس، يا صاحب الغبطة والنيافة وأصحاب السيادة وقدس الآباء والأمهات العامين وإخوتي الكهنة، وأنتم جميعا ذوي الإرادة الطيبة المؤمنين الأحباء، يحثني إذا على الإنطلاق بنعمة الروح القدس نحو رسالة الكنيسة في الحقل الإجتماعي”.
وألقى الاب كرم كلمة قال فيها: “بهذه التوصية المفعمة بروح العطاء واندفاع الخدمة اللامتناهيتين، يحثني الرسول بولس، يا صاحب الغبطة والنيافة وأصحاب السيادة وقدس الآباء والأمهات العامين وإخوتي الكهنة، وأنتم جميعا ذوي الإرادة الطيبة المؤمنين الأحباء، يحثني إذا على الإنطلاق بنعمة الروح القدس نحو رسالة الكنيسة في الحقل الإجتماعي”.
وقال: “فعل الشكر أرفعه أولا اليوم، إلى الله الذي اختار ضعفنا ليصنع منه قوة للخدمة والعطاء، لأن محدوديتنا ستتحول إلى رسالةِ تضامن عملي مع إخوتنا “هؤلاء الصغار” (متى 25/ 31-46). وأرفعه ثانيا في هذه المناسبة الطيبة إلى مجلس الرئاسة لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، لأن ثقته التي منحني إياها يوم تذكار عيد القديس يوحنا بوسكو أب الشبيبة ومعلمها وشفيعها، أي الجمعة 31 كانون الثاني 2014 الفائت، فهو سيظل علامة روحية لرسالتي الجديدة في رابطة كاريتاس لبنان؛ لذا أطلب بركة وصلاة أصحاب الغبطة السامي احترامهم”.
وتابع: “مع نعم مريم العذراء أعترف: إنها صفحة جديدة أرادتها أمي الكنيسة وضعها أمامي، لأكمل على ما يقدرني الله، عمل كل من سبقني فأخدم، مع معاوني والمتطوعين خاصة الشبيبة والمحسنين، فأعلي مدماكا آخر يرفع جهاز الكنيسة الكاثوليكية في لبنان: كاريتاس. هذا الصرح الإنساني الجميل، الذي يشمل الصحة والخدمات الإجتماعية مع الأطفال وذوي الإحتياجات الخاصة والمسنين والشبيبة وليطال التنمية الإقتصادية، والذي ينشط كذلك في مركز الأجانب، فضلا عن عمل الطوارىء، سيما التعاطي المِهني العالي مع الأزمة السورية التي ترمي بثقلها على لبنان وإمكانياته المحدودة والمعروفة”.
أضاف: “إن صورة كاريتاس لبنان تعكس وجه المسيح الخادم لإنها “لمسة الكنيسة الحنونة تجاه أبنائها” على ما أعلنه قداسة البابا فرنسيس. فمِصداقيتنا تلتقي مع مِصداقيتها وشفافيتنا مع شفافيتها، وهاتين الصفتين هما بمثابة قِيم أخلاقية ونهج حياتي، ومقدرتين ومحترمتين جِدا في المحافل الدولية. لذا تدعونا الكنيسة من أجل أن نرسِخ معا رسالة كاريتاس لبنان بروح المحبة، وأن نعمل بفاعلية ضمن كنائسنا ورعايانا ومع شعبنا الرازح تحت ثقل الأزمات المتتالية: سياسيا وإقتصاديا وإنمائيا وإجتماعيا”.
أضاف: “إن صورة كاريتاس لبنان تعكس وجه المسيح الخادم لإنها “لمسة الكنيسة الحنونة تجاه أبنائها” على ما أعلنه قداسة البابا فرنسيس. فمِصداقيتنا تلتقي مع مِصداقيتها وشفافيتنا مع شفافيتها، وهاتين الصفتين هما بمثابة قِيم أخلاقية ونهج حياتي، ومقدرتين ومحترمتين جِدا في المحافل الدولية. لذا تدعونا الكنيسة من أجل أن نرسِخ معا رسالة كاريتاس لبنان بروح المحبة، وأن نعمل بفاعلية ضمن كنائسنا ورعايانا ومع شعبنا الرازح تحت ثقل الأزمات المتتالية: سياسيا وإقتصاديا وإنمائيا وإجتماعيا”.
وتابع: “أسألكم أن تحملوني في صلواتكم راجيا القيام بخدمتي مع عائلتي الجديدة كاريتاس لبنان، بكل إندفاع روحي ورسولي وإنساني”، آملا أن “ننطلق معا كفريق عمل متجانِس ومتناغِم، فهي أي كاريتاس، تستقبلني كأب وراع أولا ومدبرا إداريا حكيما ثانيا. فالخدمة ترسم أبعادها وبإنفتاح منذ الآن لشعار خطة عملنا للسنوات الثلاث المقبلة “سوا منعمل الفرق”، دون أن نقع في تجربة المفهوم الوظائفي الضيق فقط. وأرجو الله أن يقويني كي أستثمر الوزنات التي أودعني إياها فأحافظ على الوديعة ورسالة الكنيسة بإيمان، أنا الخادم الصغير في الحقل الواسع الكبير للرب!”
وختم : “أشكر الجميع وأصلي على نية عيالكم وأمد يدي لكم، فمعكم ولأجلكم سنتلاقى مع عطاءاتكم ومواهبكم وأفكاركم، فتصب كلها في نهاية المطاف ضمن تعليم الكنيسة الإجتماعي لإنماء رسالتها ودورها المحلي والعالمي. كما وأتمنى لسلفي قدس الإكسرخوس الخورأسقف سيمون فضول السامي الإحترام، التوفيق والنجاح لرسالته في نيجيريا وبقية بلدان أفرقيا، هذه القارة التي عرفت عن كثب، مع بداية خدمتي الكهنوتية ضمن العمل والخِبرة الرِسالية والرسولية التي أرادها وقراءها ببعد نبوي شامل يوم كان أسقفا على بلاد جبيل، عنيت بصاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى، رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان.
فليبارك الرب بيمينه القديرة رابطة كاريتاس لبنان، وكل الكاريتاسيين والمتطوعين، وجميع العاملين والخيرين والمستفيدين من خدماتها المتعددة، وليعطي العلي الرحوم الراحة الأبدية في ملكوته السماوي من سبقونا وأفنوا عمرهم في خدمة رسالة رابطة كاريتاس لبنان.
ربي يسوع، مع لفتتك الأبوية وعطفك الحنون، أسألك بشفاعة أمِنا مريم العذراء أم الرحمة والمعونة، أن تظل الخدمة أساسا ونهجا والتزاما لنا مع أخينا الإنسان، منذ الآن وإلى الأبد، آمين”.
ربي يسوع، مع لفتتك الأبوية وعطفك الحنون، أسألك بشفاعة أمِنا مريم العذراء أم الرحمة والمعونة، أن تظل الخدمة أساسا ونهجا والتزاما لنا مع أخينا الإنسان، منذ الآن وإلى الأبد، آمين”.
العظة
وبعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “لمست المرأة المنزوفة طرف رداء يسوع، فتوقف حالا نزف دمها” (لو8: 44) . وجاء فيها: “تذكر الكنيسة في هذا الأحد الثالث من زمن الصوم الكبير شفاء المرأة المنزوفة التي ترمز بنزفها إلى نزف القيم الروحية والأخلاقية والاجتماعية والوطنية بسبب الخطيئة وحالة العيش فيها. لكن الآية تعلمنا أن يسوع وحده قادر أن يشفينا من هذا النزف ومن الخطايا التي تتسبب به إذا التجأنا إليه بإيمان تلك المرأة، ونحن مثلها نلمس، لا طرف ردائه، بل كلامه الحي الذي نسمعه، وجسده ودمه اللذين نتناولهما تحت شكلي الخبز والخمر. نصلي اليوم لكي يكون زمن الصوم الكبير مناسبة لقاء بالربِ يسوع، مماثل للقاء المرأة المنزوفة به، بواسطة صيامنا وصلواتنا وتوبتنا وأعمال المحبة والرحمة تجاه إخوتنا وأخواتنا في حاجاتهم المتنوعة”.
وبعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “لمست المرأة المنزوفة طرف رداء يسوع، فتوقف حالا نزف دمها” (لو8: 44) . وجاء فيها: “تذكر الكنيسة في هذا الأحد الثالث من زمن الصوم الكبير شفاء المرأة المنزوفة التي ترمز بنزفها إلى نزف القيم الروحية والأخلاقية والاجتماعية والوطنية بسبب الخطيئة وحالة العيش فيها. لكن الآية تعلمنا أن يسوع وحده قادر أن يشفينا من هذا النزف ومن الخطايا التي تتسبب به إذا التجأنا إليه بإيمان تلك المرأة، ونحن مثلها نلمس، لا طرف ردائه، بل كلامه الحي الذي نسمعه، وجسده ودمه اللذين نتناولهما تحت شكلي الخبز والخمر. نصلي اليوم لكي يكون زمن الصوم الكبير مناسبة لقاء بالربِ يسوع، مماثل للقاء المرأة المنزوفة به، بواسطة صيامنا وصلواتنا وتوبتنا وأعمال المحبة والرحمة تجاه إخوتنا وأخواتنا في حاجاتهم المتنوعة”.
وتابع: “يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، وأن نرحب بكم جميعا ونحييكم بالرب يسوع. وإنا معا نحيي رابطة كاريتاس – لبنان، ممثلة بيننا بهذا الجمهور الكبير من أسرتها، وعلى رأسهم سيادة أخينا المطران ميشال عون المشرف عليها باسمنا، كرئيس لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، وسيادة أخينا المطران فرنسيس البيسري المشرف السابق، ورئيسها الخوراسقف سيمون فضول الذي عينه قداسة البابا فرنسيس، وفقا لمقررات سينودس أساقفتنا المقدس، إكسرخوسا، رئيسا كنسيا على إكسرخوسية أفريقيا الغربية والوسطى المارونية، وزائرا رسوليا على موارنة أفريقيا الجنوبية، وحضرة الخوري بول كرم المنتخب رئيسا لرابطة كاريتاس – لبنان”.
وقال: “نتمنى لحضرة الإكسرخوس النجاح في مهمته الكنسية الجديدة، وهو جدير ومستأهل، ولرئيس الرابطة الجديد النعمة والنور الإلهيين في مسؤوليته الكبيرة هذه، وقد تمرس على هذا النوع من الخدمة في إدارته، كمدير وطني، للأعمال البابوية للرسالات، في لبنان ومنطقة آسيا. كما ونحيي أعضاء مكتب كاريتاس والمجلس وسائر المسؤولين في الأقاليم والمراكز، والمرشد العام والمرشدين المحلِيين. لقد شاءت الرابطة أن يكون هذا القداس الإلهي “قداس شكر” لانتهاء مهام رئيسها الحالي وتسلم الرئيس الجديد مهامه. نسأل الله أن يقبل صلاتنا ويفيض نعمه عليكم جميعا وعلى كاريتاس – لبنان، جهاز الكنيسة الراعوي – الاجتماعي، وعلى كل الذين ينعمون بخدمتها، وجميع المحسنين إليها”.
أضاف: “تندرج خدمة المحبة في كاريتاس – لبنان، في خط محبة المسيح، الذي تماهى مع الجائع والعطشان والعريان والغريب والمريض والسجين، ماديا وروحيا وثقافيا واجتماعيا، وسماهم “إخوته الصغار” (راجع متى 25: 35-40). وها محبته تتجلى اليوم أمامنا في آية شفاء المنزوفة، وآية إقامة ابنة يائيروس من الموت. إن كل العاملين في كاريتاس – لبنان يواصلون محبة المسيح للبشرية الجريحة، بل هي محبته تتجسد في محبتهم، وتعبر، من خلال قلوبهم وجهودهم وتضحياتهم، إلى الإخوة والأخوات في مختلف حاجاتهم. تتوزع محبة هؤلاء، بواسطة الرابطة، على قطاعات متنوعة هي: الصحة والشأن الاجتماعي، والشبيبة والأطفال، والمسنين، والنمو الاقتصادي، وشؤون اللاجئين والنازحين والعمال الأجانب، وخدمة الطوارئ، وسواها من القطاعات والمساحات الطارئة. يكفي الاطلاع على تقرير نشاطات كاريتاس – لبنان السنوي، لكي ندرك حجم هذه المؤسسة واتساع تطلعات خدمة المحبة فيها، وهيكليتها ومؤسساتِها التي تؤمن استمرارية خدماتها وتطويرها ونموها. نشكر إله المحبة على إشعال شعلة محبته في قلوب المسؤولين في رابطة كاريتاس – لبنان، وجميع العاملين والمحسنين والمتطوعين”.
وتابع: “تبين آيتا اليوم أن الرب يسوع هو في حضور دائم بيننا وبين جميع الناس، بنتيجة قيامته من بين الأموات. علم المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني “أن يسوع حاضرٌ دائما في كنيسته، وبالأخص في الأفعال الليتورجية. فهو حاضرٌ في ذبيحة القداس سواء في شخص الكاهن خادم هذا السر، الذي يقدم ذبيحة الرب المقدمة مرة واحدة على الصليب، أم، وبنوع خاص، في الخبز والخمر المحولين إلى جسده ودمه. وهو حاضرٌ بقوة نعمته في الأسرار المقدسة، بحيث أنه، إذا عمد أحدٌ، هو المسيح نفسه الذي يعمد. وهو حاضرٌ في كلامه، فهو الذي يتكلم عندما تقرأ الكتب المقدسة في الكنيسة. وهو حاضرٌ عندما تصلي الكنيسة وتسبح الله، بحسب قوله: “إذا اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، أكون أنا بينهم” (متى 18: 20؛ في الليتورجيا المقدسة، 7)؛ كما أنه حاضر في الجائع والعطشان والعريان والغريب والمريض والسجين (راجع متى 25: 35-36)”.
وقال: “من الضروري أن نبحث عنه مثل “الجموع الذين كانوا ينتظرونه” (لو8: 40). إنه بحثٌ شخصي يسعى إليه كل مؤمن ومؤمنة، وبحثٌ جماعي تقوم به الجماعة المسيحية عندما تشارك في عمل ليتورجي، أو تلتقي للصلاة معا، أو تلتئم في لقاء إنجيلي. في هذا الجو من الشوق والإنتظار ليسوع، بحث عنه اثنان يذكرهما إنجيل اليوم: يائيروس رئيس المجمع يأتي إلى يسوع ويتوسل إليه أن يدخل بيته ويشفي ابنته المشرفة على الموت، فلبى التماسه وأقام ابنته من الموت (لو8: 54)، والمرأة المنزوفة التي اكتفت بلمس طرف ثوبه، فشفيت للحال (لو8: 44)”.
وتابع: “نزف الدم يرمز إلى نتائج الخطيئة التي هي نزف القيم الروحية والأخلاقية والانسانية والاجتماعية، ونزف روح المسؤولية والتجرد عند المسؤول أكان في العائلة أم في الكنيسة أم في المجتمع أو في الدولة. من نتائج الخطيئة، نزف قيم الإيمان، الظاهر في الشك والتشكيك بقبول حقائق الإيمان ووصايا الله وتعليم الكنيسة، وبرفض هذه الحقائق وإهمال الوصايا والجحود، وعدم الممارسة، وتغيير الدين والمذهب، ونزف قيم الرجاء، الظاهر في اليأس من خلاص الله، ومن قدرة نعمته، والادعاء بالخلاص الذاتي، بعيدا عن الصلاة وممارسة الأسرار، ولا سيما سري التوبة والقربان، ونزف قيم المحبة لله، الظاهر في الابتعاد عن الممارسة الدينية، وإهمال يوم الرب وقداس الأحد، وفي عدم العرفان بالجميل لله، الذي منه كل شيء نملكه بدءا من الحياة، والفتور الروحي وعدم أداء شهادة المحبة لله، ونزف قيم المحبة تجاه الناس، الظاهر في الحقد والبغض والضغينة، وأفكار السوء، ومبادلة الإساءة بالإساءة، والشر بالشر”. أضاف: “من نتائج الخطيئة على مستوى الحياة العامة، نزف روح المسؤولية في العمل السياسي والإداري الظاهر في إهمال الخير العام والفساد والرشوة وسرقة المال العام، وفي حرمان المواطنين من فرص العمل والعيش بكرامة وكفاية إقتصاديا ومعيشيا، وفي ممارسة الظلم والاستبداد والاستكبار، وفي التسبب بالفقر والهجرة والممارسات الشاذة لكسب المال وأساليب العيش”.
وقال: “هل يشعر المسؤولون السياسيون في لبنان ويدركون كم بلغ تفاقم النزف الاقتصادي والاجتماعي والأمني والإداري في العشرة أشهر التي استغرقت لولادة الحكومة؟ وفي الشهر الذي اقتضى لإيجاد صيغة للبيان الوزاري، مع ما يرافقها من تحفظات تتعلق بمرجعية الدولة “الواحدة أرضا وشعبا ومؤسسات” كما تنص الفقرة الأولى من مقدمة الدستور؟ نأمل منهم وبخاصة من المعنيين المخلصين للبنان وللدولة، بكل مقوماتها، إيقاف هذا النزف، بالاتكال على قدرة الله وعنايته، وتصحيح ما يلزم وتفسير المبهم، ومنح الثقة للحكومة، والانصراف بجدية إلى العمل في القطاعات الملحة، وإلى إعادة الثقة بهم وبالدولة لدى الشعب اللبناني، وبخاصة لدى شبابه الطالع، وتحضير البلاد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في موعده الدستوري، والانكباب على ورشة النهوض بدولة لبنانية قادرة وعادلة ومنتجة على أسس الدستور والميثاق الوطني والثوابت والمكتسبات”.
أضاف: آية شفاء المرأة المنزوفة تبيِن قدرة الرب يسوع على شفاء كل إنسان من خطيئته وإيقاف نزف القيم على كل المستويات. ولو بلغت الأمور إلى حالة شبيهة بالموت، أعني حالة فقدان أي رجاء وأمل بالإصلاح، فالرب يسوع الذي أقام ابنة يائيروس من الموت قادر أن يقيمنا من الموت الروحي والأخلاقي والشخصي والجماعي. المهم أن نلجأ إليه بإيمان، ملتمسين النعمة الشافية التي إذا “لمستنا” شفتنا. المرأة المنزوفة شفيت بلمس طرف رداء يسوع. نحن “نلمس” كلامه عندما نسمعه، و”نلمس” جسده ودمه عندما نتناوله. إذا فعلنا ذلك بإيمان شفينا”.
وختم: “نصلي إلى الله اليوم، بشفاعة أمنا مريم العذراء سيدة لبنان، وسلطانة السلام، لكي يحيي فينا إيمان المرأة المنزوفة وإيمان يائيروس، لكي نلجأ إليه، فيشفينا من نزف الخطيئة ونتائجها، ويقيمنا من حالة الموت الروحي والمعنوي والأخلاقي. نصلي من أجل الاستقرار في لبنان، والسلام في سوريا والعراق، وفي الأراضي المقدسة ومصر.
ونسأله أن يجعل من كل واحد منا ومعا “صانعي سلام” لنكون حقا أبناء وبنات لله: “طوبى لفاعلي السلام، فإنهم أبناء الله يدعون” (متى 5: 9). لإله السلام، الآب والابن والروح القدس، كل مجد وإكرام وشكر الآن والى الأبد، آمين”.
تقبل التهاني
وفي ختام القداس، تقبل كل من الخوراسقف فضول والاب كرم التهاني من المشاركين في الذبيحة لمناسبة تعيين فضول أكسرخوسا على افريقيا الغربية والوسطى والاب كرم خلفا لفضول في رئاسة كاريتاس.
وفي ختام القداس، تقبل كل من الخوراسقف فضول والاب كرم التهاني من المشاركين في الذبيحة لمناسبة تعيين فضول أكسرخوسا على افريقيا الغربية والوسطى والاب كرم خلفا لفضول في رئاسة كاريتاس.
وطنية