شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | خلقُ الإنسان الإنثروبولوجيا المسيحيّة (2) بقلم عدي توما
خلقُ الإنسان الإنثروبولوجيا المسيحيّة (2) بقلم عدي توما
الله خالق كل شيء

خلقُ الإنسان الإنثروبولوجيا المسيحيّة (2) بقلم عدي توما

بداية ، أحبّ أن أعطيَ تعريفا بسيطا جدّا لكلمة ” الخلق ” ؛ كي نفهمَ وندركَ معنى الكلمة ، لئلا نتشتّت . وهذا التعريف أقتبسه من أساقفة فرنسا : الخلق ، هو كلمة نحبّ أن نطلقها على كلّ حقيقة نابعة من مشيئة الله سواء كانت حقيقة وجودنا أو حقيقة ما حولنا . الخلقُ : لا تشير هذه اللفظة إلى نقطة الصفر ، أو إلى الحركة الآولى ، وإذا ما دلّت على أصل زمنيّ سحيق فإنّها بالأحرى ، العلاقة الحالية القائمة مع اللامرئيّ ، أي الكائن الذي لا يراهُ أيّ وجود يشكل العالم كلّه في حقيقته وديناميّته . الخليقة موجودة وممنوحة في الواقع لنفسها : ليستْ الله ، كما أنّها ليست جزءًا منه . ولكنّها ليست موجودة كولد ٍ ترَكَه أبوه :  ” إذ هو يعطي للجميع حياة ونفسًا وكلّ شيء .. في الواقع أنه ليس بعيدًا من كلّ واحد منّا ، فإنّا به نحيا ونتحرّك ونوجد ” (أعمال 17 : 25 – 28 ) .

في البداية خلق

خلق ، هو فعل خاصّ بالله . هذا ما يُنشده أشعيا ويُكرّره . يطرح السؤال على المؤمن وعلى اللامؤمن  الذي قد يسمعه  :” أما عرفت ؟ أما سمعتْ أنّ الربّ إلهٌ سرمديٌّ ، خلقَ الأرض بكاملها ” أش 40 : 28 . لا شكّ في أنّ هناكَ إستعمالا للفظ ” الخلق ” على مستوى الشعراء والفنّانين والمبدعين . ولكنّ الإنسان ، لم يكن لـيخلق ، ليُبدع ، لو لمْ يكن على ” صورة الله ” ومثاله . علمُه من الله ، معرفته من عنده وحده . حينَ خلقه ، ميّزه عن النبات والحيوان ، ميّزه عن الخليقة كلّها ، بل جعله يسودها باسمه .

إنّ الفصول الآولى لسفر التكوين ، هي بنت زمانها ، إنها نتاجُ ثقافة زمان معيّن ، هذه الثقافة نحنُ قد تجاوزناها . من جهة أخرى ، في هذه النصوص – كما في كلّ نصّ – هناكَ نظرة معيّنة للإنسان على ما يُحيط به وعلى الله . فالمعطيات لها تسلسل وترتيب معيّن أستقوها من علماء وحكماء زمانهم ، وأضافوا إليها ” عُمقــــًا ” ومحاولة لفهم الإنسان والعالم : محاولة تشتملُ الحاضر والماضي والمستقبل . ومحاولة وصف العالم هذه ، تريدُ أن تقول لنا ، إن قبل وجوده ، كان وجود آخر . تأكيد هذا الوجود قد ينساه أو يتناساه معاصرونا .

الله بين خلقه الكون وخلقه الإنسان

ما يسترعي إنتباهنا في روايتي الخلق ، أنّ بين خلق الله ” الخليقة ” وخلقه ” الإنسان ” ، فرقا شاسعًا قصده الكاتب المُلهَم . سنرى قبل أن نتطرّق لموضوع ” خلق الإنسان – لنعمل الإنسان على صورتنا ومثالنا ” ، ما المعاني الجميلة لتعبير : ” إنّ الله خلق الكون بــ الأمر ، كُنْ .. فكان ” . في حين سنرى، لاحقا ، أنّ خلق الإنسان هو بــ ” التشاور ” ( لنصنع الإنسان على صورتنا ) . وسنستنتج من ذلكَ بعض المُعطيات الأنثروبولوجيّة البالغة الأهميّة .

أوّلا : خلق الكون بـ ” الكلمة ” … لقد خلقَ الله الخليقة الماديّة بالأمر : ” كُنْ .. فكان ” (تك 1 : 3 )

والمزاميرُ رنّمت بتواتر كبير هذه الظاهرة ، نذكرُ على سبيل المثال لا الحصر : ” فلتُسبّح الخليقةُ إسمَ الربّ ، هو أمرَ فخُلِقَتْ  ، أقامها إلى الدهر وإلى الأبد ، سنّ سُنّة لن تزول ” ( مز 148 ) . وما يُذكَر ، أنّ كلمة الله فعّالة دائمة ؛ إذ تُحقّق كلمتُه ما تقوله وتقصده . ويتمُّ فِكره إلى واقع . وتسبق ، بالتالي ، مشيئته الخليقة التي تخرجُ ” من العدم ” ( باللاتينيّة Ex nihilo) ، بناء على أوّل ما ورد بهذا الشأن في 2 مك 7 : 28 :” أنظر إلى السماء والأرض ، اِعلم أنّ الله صنعها من العدم ” . لا يُستنتَج الخلق ” من العدم ” إنطلاقا من رواية الخلق التي نحنُ في بصددها ، ذلك بإنّ عمليّة الخلق هي تنظيمٌ للخواء ( كانت الأرض خاوية خالية .. تك 1 : 2 ) ، أكثر منه خلق ” مِن العدم ” . إنّ تنظير ” العدم ” يعودُ إلى كِتاب المكابيّين الذي حاوَر الثقافة الهلينستيّة في القرن الثاني قبل الميلاد .

يتبع

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).