أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | ندوة تقبل الآخر رغم اختلافه في جامعة بيروت العربية
ندوة تقبل الآخر رغم اختلافه في جامعة بيروت العربية
ندوة تقبل الآخر رغم اختلافه في جامعة بيروت العربية

ندوة تقبل الآخر رغم اختلافه في جامعة بيروت العربية

نظمت كلية العلوم الانسانية في جامعة بيروت العربية، بالتعاون مع كلية العلوم الانسانية في جامعة السوربون في باريس، ندوتها السنوية بعنوان “تقبل الآخر رغم اختلافه”، في قاعة جمال عبد الناصر في الجامعة، برعاية رئيس جامعة بيروت العربية الدكتور عمرو جلال العدوي، وفي حضور الرئيس السابق للكونفدرالية السويسرية باسكال كوشيبان، وممثلين عن السفارة الفرنسية في بيروت والمعهد الثقافي الفرنسي وأكاديميين.

هدفت الندوة، التي تحرص جامعة بيروت العربية وقسم الآداب الفرنسية فيها على تنظيمها سنويا، ثقافي-أدبي يحمل في طياته رسائل في الذائقة الأدبية، وفي التنوير الفكري والعقلي، وأمنية في بصمة عملية التطور الاجتماعي.

وقد حاول المشرفون على تنظيم ندوة هذه السنة على انتقاء ما يواكب طبيعة مآزق المجتمع البشري ككل، للاضاءة على توصيات من خلال نقاشات أبحاث المشاركين تخدم التسامح وقبول الآخر المختلف، كما ورد في عنوان هذه الندوة الثرية بمشاركيها الأكاديميين من لبنان وفرنسا، وبالابحاث التي جددوا من خلالها رؤيتهم لمعنى قبول الاختلاف سواء في الأدب المنتج، او الفن الروائي والمسرحي والشعر كما تبدى على ألسنة وإبداعات كبار المثقفين من جنسيات ودول وأزمان متنوعة ومتباينة خضعت لتداولات المشاركين وعلى مدى يومين.

الجلسات
فقد أدارت رئيسة قسم الأدب الفرنسي في جامعة بيروت العربية الدكتورة نادية نابلسي اسكندراني جلسة بعنوان “تنوع وغيرية”، وتحدث فيها البروفوسور يولين باريزو من جامعة باريس الشرقية عن “الغيرية والوجود في العالم في الأدب الكاريبي: الأفكار والشعرية في خدمة العالم المعاصر”، فقال: “ان الفضاء الثقافي والأدبي المتنافر والذي هو جزر الكاريبي لهو فضاء مثالي، وذلك لعدة نواح منها جغرافية الجزر المنحصرة نوعا ما، والتي تترنح ما بين أرخبيلية وحصرية وأقلية قارية، وعواقب الامبريالية الاوروبية المتباينة، والتركيز البابلي وتنوع الاوضاع السياسية، لذلك يشكل الكاريبي نموذجا”، لافتا الى “التشابه بين التهجين اللغوي ومفهوم الهجين الثقافي”.

وتناولت الدكتورة في الجامعة اللبنانية أسما شملي حلواني مسألة “علم الكائن الآخر أو أبعاد مزدوج في كتاب سيمورغ ل محمد ديب”، اقترحت فيها “دراسة فكر غربي حتى النخاع”، مشيرة الى “انقلاب الكاتب هنا كليا في كتابه الى فريق الآخر على شكل انفصام الشخصية، ما يؤدي الى عبثية ان يفهم ذاته، فتصبح عودته الى الذات مستحيلة بالنسبة الى الفكر المتمرد على الذات”.

وعرض الدكتور المؤرخ حسان حلاق في بحثه بعنوان “التنوع السياسي والاجتماعي والثقافي والطائفي في لبنان” لظاهرة الديموقراطية في لبنان “لو لم يتم استثمارها وتوظيفها في غير مضمونها”. وقال: إن التنوع بحد ذاته ظاهرة طبيعية في مختلف أنحاء العالم، وهي تعتبر توأما للحرية والديموقراطية، بل تعتبر حافزا للتنافس الحر والشريف، آسفا ” لأن لبنان يشهد تنوعا يوظف في انقسامات حادة بين أبناء الوطن الواحد، لأن الزعامات البنانية توظف هذا التنوع في ميادين الطائفية والمذهبية والمناطقية الضيقة، وفي إثارة الفتن ونشر الفساد”، معتبرا “أن التنوع في حد ذاته نعمة غير انه تحول في لبنان الى نقمة”.

ويلخص دينيز لابوريه بحثه بعنوان “أوجه الغيرية في رواية “الحياة أمامك” ل رومان غاري” وقد كتبها تحت إسم مستعار هو إميل آجار، تطرق فيها للعلاقات بين أفراد من مختلف المجتمعات يعيشون في حي شعبي في باريس، وكل منهم يختبر الآخر في اختلافه الثقافي والديني والعرقي والجنسي”. ويقول: أنه يمكن “للذات” أن تتعرف على ذاتها تماما كما “الآخر”.

وترأست الدكتورة في جامعة بيروت العربية صوفي نيكولايديس سلوم جلسة بعنوان “صورة الهوية”، وتحدثت فيها الدكتورة من مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية-المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي آن سيمون عن “الجسد من منظور الآخرين الى الذات: الحمام والسلطة الحيوية لدى الروائيات الجزائريات المعاصرات الناطقات باللغة الفرنسية”، فقالت: “ان الحمام يظهر في هذا الفضاء الانثوي المتناقض تارة بالكثير من الهيمنة والتطبيع وتارة أخرى تحررا نسبيا ومفارقا يحدث من حجر الحبس ذاته، وفضاء معاكس يتيح الهروب من السلطات النافذة وإعادة التكييف مع الجسد الخاص”.

وعالجت الدكتورة اسكندراني “الهوية المتعددة أو الهوية المفقودة في رواية فن الفقدان للكاتبة أليس زنيتر”، وكانت حول حياة عائلة من الحركيين ( جماعة جزائرية قاتلت مع الاحتلال الفرنسي للجزائر وغادرت مع الفرنسيين بعد استقلال الجزائر)، مشيرة الى امتلاك هذه الجماعة الهويتين الجزائرية والفرنسية، لافتة الى مسألة معالجة الرواية لإشكالية الإنتماء، وعما إذا كان الجد واولاده واحفاده قد نجحوا في التمتع بهوية متعددة: الجزائرية والقبلية والفرنسية، وعما إذا كانوا استطاعوا أن يجعلوا الآخر يتقبلهم، هذا الآخر الذي حاربوا من اجله وتضافروا معه على تحقيق النصر”.

وأضافت: “في الواقع، فإن عنوان الرواية “فن الفقدان” يحملنا على الشك في ذلك، بل أنه يجعلنا أميل نحو ضياع الهوية، كما أن الرواية تعالج مسألة الأصول والهوية والعزم على عدم الانغلاق على هوية واحدة”، لتخلص اسكندراني في بحثها الى “أن كاتبة الرواية أرادت التعمق في نطاق مبهم من خلال الأدب كي تقنعنا بأننا ننتمي الى بلد وهوية نخلقها بأنفسنا”.

وتطرقت الدكتورة في الجامعة اللبنانية الهام سليم حطيط وزينب المقداد في بحثهما بعنوان “الذاتية والغيرية: بين التبديل والتهجين” الى مسألة قبول الآخر “الذي هو أحد أكبر التحديات في تاريخنا الانساني المعاصر، إذ أن هذا التقبل المسمى بالغيرية هو بحد ذاته قيمة انسانية تشجع على الاختلاط والتهجين باعتبارهما مصدرا للغنى والسلام”.

وأكدتا “أن الشخص لا يعتبر غيريا إلا عندما يبرهن عن استعداده لقبول الآخر، من دون أن يفقد هذا الآخر هويته، كما تعتبر “غيرية” تلك الروح التي تتقبل الآخر من دون أن تفقد هويتها”، متسائلتين عن الذي يسمح بهذا التقبل الطبيعي والمسالم للآخر في اختلافه، وأي مناخ وأي ثقافة يسمحان بقبول “الغير”؟، مع إشارتهما الى “أن التعصب للهوية يبقى طاغيا في هذا الزمن”.

وأدارت الدكتورة في الجامعة اللبنانية ليلى حلمي جلسة بعنوان “اكتشاف الهوية من خلال اللغة والأدب”، عرض فيها الدكتور في جامعة بيروت العربية سمير عيتاني لبحث بعنوان “تطور صورة الآخر الغربي في الأدب العربي: ميخائيل نعيمة ومحمود درويش وراوي حاج نموذجا”، فرأى أن” صورة الآخر عند ميخائيل نعيمة مقبولة، ويتعامل مع الآخر بندية، فهو يرى أن الشرق بنى حضارة تنبع من البصيرة، بينما الغرب بنى حضارة تنبع من البصر، وهما جناحا طائر واحد هو الحضارة الانسانية”، أما محمود درويش “فينظر الى الآخر القاتل والمغتصب، ولكن الذات تبقى موجودة رغم كل النكبات فهو يستطيع أن يصرخ سجل انا عربي، ولكن صورة الآخر عنده تبقى صورة جدلية، فيها ما يكفي أن يغطي مساحة الانسان بتجلياته المختلفة”، في حين “أن هذه الصورة تطورت مع راوي حاج “الذي تمادى في تغييب الأنا العربية في مرحلة العولمة”.

وطرح الدكتوران في جامعة بيروت العربية ديانا هادي وعادل سكاكيني ما أسموه “وهم مدرس اللغة الانكليزية كلغة أم”، سعيا من خلال بحثهما الى ” صياغة مصطلح جديد ألا وهو “شبيه المتحدث الأصلي للغة”، إثر دراستهما لمن يعتبر متحدثا أصليا للغة ومن هو غير ذلك.

وتحت عنوان “مشاكل الكوزموبوليتيكية” ترأست الدكتورة أسما شملي حلواني جلسة ناقشت فيها الدكتورة صوفي سلوم مسألة “الغرب في مواجهة الشرق في رواية “ذهول ورهبة” للروائية إميلي نوثومب، متوقفة أمام الاستيعاب والتثاقف كسلوكين ممكنين يكملان بعضها الآخر لفهم ثقافة الآخر”.

وتطرق الدكتور في جامعة بيروت العربية محمد علي القوزي في بحثه الى “التنوع الاجتماعي والحوار مع الآخر”، فقال: “ان التطور الانساني جاء عن طريق الاستكشاف والاختلاط والتجارب، وهذا يستوجب مشاركة الآخرين، فالمشاركة حاجة تطورية جوهرية في عملية النمو”، معتبرا “أن الاعتراف بالآخر يتطلب كسر عنفوان ذلك المتعجرف في داخلنا”.

وتطرقت كريستال اسطفان حايك من جامعة الكسليك في بحثها بعنوان “الآخر هو أنا” الى كتاب الشاعرة اللبنانية-الأميركية أتل عدنان “مدن ونساء”، سعت فيه حايك الى برهنة كيف أن تعدد الوجوه النسائية التي تناولتها عدنان يؤدي الى وجه واحد متعدد الأوتار، وعالمي”.

كما ناقشت الدكتورة بادية مزبودي ما ورد في كتاب “الكتابة في البلد القابع تحت السيطرة” للكاتب شاموازو من جزر الأنتيل، وتساءلت: كيف يمكننا الحفاظ على اختلافنا من دون أن نكون مهمشين في هذا العالم المرتبط ارتباطا وثيقا بهم؟ وكيف للشعوب أن تحافظ على اختلافها إن لم تكن مستقلة؟، مركزة في بحثها على دراسة الأشكال المتعددة للاختلاف الكامن في علم الانسان والثقافة واللغة كما وردت في الكتاب.

وحملت إحدى الجلسات عنوان “الغيرية والتسامح والثقافة”، وأدارتها الدكتورة بادية مزبودي، وتحدث فيها ميشال ابو خليل (مستشار ثقافي) عن “ما وراء التسامح: كيف يترجم احترام الآخرين في المسرح؟”، لافتا الى التشابه الأولي لدى الناس بين مفهومي التسامح واحترام الآخرين، متسائلا عما إذا كان هذا التشابه موجود في الشكل أم في الجوهر؟ وهل يكون التسامح معنى مختلف عن الاحترام؟، معتبرا “أن الممارسة المسرحية الاجتماعية والسياسية المتكررة في لبنان المعاصر والتي تهدف الى تطوير قبول الآخر واختلافه إنما تشكل إطارا مثيرا للاهتمام لدراسة هذه المشكلة.

وعالجت الدكتورة من الجامعة اللبنانية فاتن قبرصلي مسألة “اللقاء مع الآخر: اختلاف وتسامح” كما ورد في رواية “السلام والحب ولا شيئ آخر” للروائية عزة آغا ملك، ركزت فيه على تناول ملك للتمثيل الواضح لوضع المرأة المأساوي التي يهيمن عليها الذكر والذكورية في المجتمع الشرقي والغربي على حد سواء”.

وتحدث الدكتور من جامعة بيروت العربية بشير فرج عن “اللغة والهوية وأثرهما الحضاري”، فقال: “ان اللغة من أعرق مظاهر الحضارةالانسانية، وأن الأفراد الذين يتكلمون لغة واحدة لا يتفاهمون بيسر وسهولة بل يؤلفون مجتمعا متجاسا. أما الهوية فهي مصدر تربوي وعلمي وفني واجتماعي”.

وفي ختام جلسات الندوة، ناقشت الدكتورة من جامعة بيروت العربية حسناء بو حرفوش كتابا للكاتب والمسرحي الروسي بارزو عبد الرزاقوف والذي تطرق فيه الى قصص ثماني نساء من طاجكستان على شكل اعترافات طويلة، وقد حمل عنوان بحث بو حرفوش “حين تصبح المرأة هي “الآخر”.

وعالجت الدكتورة من جامعة بيروت العربية نسرين الحاج شحادة مسألة “التمازج العرقي والغيرية في رواية كيم لو فيفر، والتي تناول فيها حقبة من تاريخ فيتنام والشعب الفيتنامي، وهي قصة كل الأطفال الذين ولدوا تحت وطأة الاستعمار من اب وأم مختلفين في العرق والذين نبذتهم فرنسا وبلدم الأم على حد سواء.

واختتمت جلسات الندوة بالبحث الذي قدمته دارين فرحات من جامعة بيروت العربية بعنوان” غربة الطبيعة”، أشارت فيه الى “معاناة الطبيعة في الحقبة المعاصرة وتهميش الانسان لدورها”، وقالت: “على الرغم من اعتماد الانسان الكلي على الطبيعة للبقاء حيا، إلا أن هذه العلاقة تغيرت جذريا مع ظهور التمدن والحضارة والصناعة والتكنولوجيا”.

وطنية

 

عن ucip_Admin