كان الفصح عند اليهود ذكرى عبورهم من عبوديتهم في مصر إلى أرض الميعاد. بات عبورنا من دنيانا إلى المسيح كل يوم من أيام حبنا له وموسماً في السنة حتى لا يفنى الحب. دائما أنت تذهب إلى المسيح وإذا مت لا يموت. المسيح هو كل شيء وكل الوجود أو ليس من وجود.
الفصح عبورنا من عبودية الخطيئة إلى حرية المجد الذي في الله. لا لصوق بالأرض ولا لصوق بمخلوق. دائما أنت تعبر. إذا إلتصقت بهذه الأرض لا تكون إنساناً فصحياً. وإذا التصقت بالجسد لا يكون عندك روح. حتى تكون إنسانا فصحيا يجب دائما ان تذهب. ليس في المسيحية استكانة. فيها هذا السكون الذي يأتي من التحرك الداخلي. القِبلة (بكسر القاف) هي وجهه. كل الوجوه تيه. متى تأتي يا رب وتخطفنا إليك؟ وجهك وحده ليس تجميداً للرؤية.
قصة المسيحية ان الفرح عندها يمر بالألم. المسيحية لم تخترع الحياة، لاحظتها وقالت إنها تعبر إلينا بالألم. ليس اننا نحب الألم. هو موجود أو هو الوجود الثابت. هذا تشويه للمسيحية ان نعتقد انه يجب السعي إلى الألم. جاء المسيح ليخلصنا منه. هو ما دعانا إليه. حقيقة المسيح في القيامة وفي إيماننا ان القيامة ابتدأت على الصليب إذ ارتضاه المسيح. لذلك في الفهم الكامل لإيماننا ان الفصح ليس فقط يوم الأحد ولكنه الثلاثية التي تبدأ بيوم الجمعة العظيمة. أحد الفصح هو إعلان الفصح.
الخطأ ان تظن انك قادر على ان تقيم في الفرح بلا ذكر الخطأ، ان تقف عند الألم وان تستلذه. الخطأ في تبسيط الأمور بالاعتقاد ان المسيحية دين الصليب فقط. هي ليست كذلك الا لأن الصليب كان طريق المسيح إلى قيامته. لذلك المؤمن الفهيم من يبدأ فصحه من الجمعة العظيمة. لك الحق ان تقول “على دين الصليب يكون موتي” إذا فهمت ان الصليب مرحلة أولى من القيامة. أما ان توجع نفسك إرادياً ظناً انك تقترب من السيد فهذا عشق للألم وهو مرفوض. المسيحية ليست ديانة الصليب الا لكونه انطلاقة إلى الانبعاث. وهذا تجده ساطعًا ان تابعت حقاً كلمات العبادة عندنا يوم الجمعة العظيمة. مرة أخيرة أقول ليس عندنا استلذاذ بالألم. هو موجود ومن تجاهله ليتكلم حصراً عن القيامة يكون خارج الواقع البشري. من حصر نفسه فيه يكون منكراً للرجاء.
نحن نكون حقا فصحيين إن قدرنا أن نرى الغلبة من بعد الألم. هذا يدل على ان ليس الألم كله الخلاص. ولكنه هنا معنا ونمر به شرطاً للخلاص منه. كنيستي موفورة البركات لأنها تعرف الوحدة بين الجمعة العظيمة وأحد القيامة. من وقف عند الجمعة العظيمة يحب موت السيد فقط. هذا ليس كل الخلاص. المسيح الحي هو الخلاص. صح ان هذا كان من بعد موت. المتعمق في الإيمان يعرف ان المسيح في موته على الخشبة كان حياً في جوهره أي كان في موته واحداً مع الآب. قتلوه وصلبوه وبقي حياً. هذا هو سره وهذه حياتنا.
سره انه مات وان الموت لم يقهره جسدياً. مات ثم قام ولكن في رؤية الآب له بقي حياً أبداً. انه هو فصحنا أي قيامتنا الدائمة من الخطيئة والموت.