“الله لا يصغي لمن لا يُصغي لذاته في الصلاة”. تعليم القديس غريغوريوس الكبير هذا يلقي الضوء على شرط أساسي للصلاة الحقة. لا بد لمن أراد أن يكون حاضرًا أمام الله أن يكون حاضرًا أمام نفسه. فما من شيء يخنق حياة الصلاة فينا أكثر من نفس تهرب من ذاتها.
إلا أنه من الأهمية بمكان أن ندرك بأن الغاية من الصلاة ليست الوقوف بحضرة الذات، بل الوقوف بحضرة الله.
غاية الصلاة ليست نفسية بل لاهوتية.
الحياة الروحية، والصلاة بشكل خاص، ليست جهدًا لتحسين الذات النفسية، بل هي جهاد لانفتاح النفس على الله.
يوضح اللاهوتي والأسقف الأرثوذكسي أنثوني بلوم أن الحياة الروحية ليست رحلة نحو الذات، بل رحلة عبر الذات نحو الله.
نلج داخليتنا لا لكي نغرق بها، بل لكي نجد في أعماقنا من يُقيم في أعمق أعماقنا، إلهنا وربنا.
يذكرنا القديس يوحنا فم الذهب أن “من يجد باب قلبه، يجب باب ملكوت الله”.
لا يجب أن نملّ أن نُذكر بهذا التمايز الذي يضع بُعد الولوج إلى الذات في إطاره اللاهوتي، وما وراء البُعد النفسي. فالمصلي المسيحي، لا يصلي لكي يشعر بأنه أفضل. المسيحي يصلي لكي يلتقي بالمحبوب. أصلي لأني أحب، لأني أحبّ الله. أو، بالحري، لأني قبلت حب الله في قلبي من خلال الروح القدس الذي أُفيض فيّ (راجع روم 5، 5).
تصف القديسة تريز الآفيلية طبيعة حضور الله في الصلاة بأوصاف الصداقة والحب المتبادل. ففي نص شهير من سيرتها الذاتية تتحدث عن الصلاة قائلة: “بالنسبة لي الصلاة ليست إلا علاقة صداقة، هي لقاء متواتر مع من نعرف أنه يحبنا”.
زينيت