شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | الطرف الأغرّ، وصار البحر إنكليزيًّا بقلم د. ايلي مخول
الطرف الأغرّ، وصار البحر إنكليزيًّا  بقلم د. ايلي مخول
الطرف الأغرّ، وصار البحر إنكليزيًّا

الطرف الأغرّ، وصار البحر إنكليزيًّا بقلم د. ايلي مخول

جرت معركة الطرف الأغرّ البحرية جنوب غرب الساحل الإسباني، في 21 تشرين أول 1805. فأُلحق بالأسطول الفرنسي الإسباني الذي كان بقيادة الأميرال فيلنوف هزيمة على يد الأسطول البريطاني بقيادة الأميرال نِلسن الذي سقط عقب المجابهة. وشكّلت المعركة نهاية طموحات نابوليون البحرية وكرّست تفوّق البريطانيين في البحر.

ااطرف الأغرّ كلمة أسطورية… أشهر ساحة في لندن. لكنها أيضًا وقبل كل شيء أكبر هزيمة بحرية لحقت بنابوليون في 21 تشرين أول 1805. معركة وضعت نهاية عالم السفن الخشبية والشراعية الكبيرة. وأضحى القرن التاسع عشر عصر الفولاذ والبخار والثورة الصناعية.

الطرف الأغرّ تتابع أحداث بطولية ومعركة عمالقة وسط فيضان من الحديد والدم. الموت المأساوي للأميرال الإنكليزي نلسن، أثناء المعركة، ثم انتحار خصمه السيّئ الحظ، الأميرال الفرنسي فيلنوف. وبعدها بعشر سنوات وفاة إيما هامِلتون، زوجة سفير إنكلترا في نابولي وحُبّ نلسون الكبير.

والطرف الأغرّ هو أيضا الموضوع المفضّل لفن الرسم الإنكليزي كما والفرنسي. ومصدر إيحاء أدبي وموسيقي… وحتى ثيابي، حيث يقال ان البحارة الفرنسيين طوّقوا عنقهم بربطة سوداء بسبب المعركة والحداد الذي مثلته بالنسبة الى أسطول نابوليون. وختامًا بات الطرف الأغرّ كلمة مشتركة للتدليل على فشل: ألا يجري الحديث عن “صدمة الطرف الأغرّ”؟

أمّا مقبرة الطرف الأغرّ البحرية المؤثّرة والرائعة الواقعة في مربّع جبل طارق فهي شاهد مؤلم على المعركة. إنها مجموعة مدافن لبحارة وضباط شباب جرحوا أثناء القتال ولفظوا أنفاسهم الأخيرة في مستشفى “الصخرة”، بينما أُلقي بسائر رفقائهم، حسب التقاليد البحرية، في المياه التي وقع فيها الإشتباك.

وتبقى حقيقة ما جرى في الطرف الأغرّ مجهولة الى حدّ كبير. فمن الذي يعرف الموقع بالضبط؟ لماذا وقعت المعركة ولماذا دارت رحاها هناك؟ لماذا استحالت ماساة حجبها الفرنسيون زمانًا طويلا، تحمّلها الإسبان ومجّدها الإنكليز؟ ومن الذي يذكر تبعاتها الرئيسة؟

على هذه الأسئلة يمكن المؤرخون أن يجيبوا الآن بعد انقضاء مائتين وخمس عشرة سنة على المعركة ومرور مئة وخمس عشرة سنة على الصداقة الفرنسية الإنكليزية (الإتفاق الودّي تم توقيعه 1904). فضلاً عن ذلك باتت نظرة نابوليون الأوروبية اليوم أكثر صفاء وأقلّ  تحزّبًا. حتى أن الإنكليز ردّوا الى فرنسا جزءًا من “الغنائم” التي استولوا عليها في الطرف الأغرّ.

يقع رأس الطرف الأغرّ جنوب غرب الساحل الإسباني بين قادش ومضيق جبل طارق. وهو الممرّ الإلزامي لجميع السفن العابرة من الأطلسي إلى البحر المتوسط. ويشكّل الرأس جزءًا من “الحاجز الصخري”: فما من أسطول عابر من المغرب إلى المشرق، كما كان يقال في ما مضى، باستطاعته تجنّبه. فهو الموقع المثالي للحراسة والرصد، سيّما وأن الملاحة العامة في تلك المنطقة تسبب مشكلات عدّة: أرصفة رملية، تيارات قوية وأحيانًا شديدة بفعل التقاء مياه الأطلسي والمتوسط، رياح متقلّبة ومتغيرة، بحر مضطرب في الغالب، حركات مدّ وجذر معاكسة.

 

خرق اتفاقية السلام وتبعاته

في أيار 1803 نقضت إنكلترا من جانب واحد اتفاقية آميان للسلام التي وقّعتها بتحفظ في 25 آذار 1802 مع فرنسا. فاحتجزت سفنًا فرنسية في محاذاة أساطيلها وفي المرافئ الإنكليزية وحاصرت موانئ بْرِسْت وروشفور وطولون. في الوقت عينه حاول التاج الإنكليزي إقامة تحالف جديد ضد فرنسا. لم يردّ نابوليون فورًا على الإستفزازات البريطانية. فهو يعرف تمامًا واقع بحريته… إذ انه يحظى بسيطرة جدّ وثيقة على المسائل البحرية، أكثر من أي ملك فرنسي قبله.

ولد نابوليون في أجاكسيو الساحلية وألِف، أثناء فتوّته، السفن التي تربط جزيرة كورسيكا واليابسة. وبعد تخرجه من مدرسة باريس العسكرية 1785 صمّم على القيام برحلة استكشافية في المحيط الهادئ 1793 – 1796 تمّ تكليفه بالدفاع عن الساحل البروفانسي (شرقي نهر الرون)، فطرد الإنكليز من طولون، ما جعل ترقيته الى رتبة جنرال.

عندما استولى بونابرت على البندقية 1797، كان أول ما فكّر به مكتبة الأرسينال الباريسية. ذلك أن أهم الأشياء التي صادرها لم تتناول الأعمال الفنيّة التي أرسلها الى متحف اللّوفر، بل الزورقين السريعين اللّذين أطلق عليهما إسما البطلين آركول وريفولي.

يبقى القول إن الإستعدادات البحرية للحملة المصرية 1798 كانت عملاً رائعًا من التنظيم الملاحي جاء في ظروف جدّ صعبة… فلا عجب أن تكون له، والحالة تلك، طموحات كبيرة في المجال البحري، طموحات أهملها المؤرخون طويلاً وسحرت الأمبراطور لارتباطها بمصير أوروبا والقارة وتميزت بكوارث بحرية في أبو قير (ميناء مصري على المتوسط، محافظة الإسكندرية، وموقع بحري جرت عنده المعركة بين الأسطولين الإنكليزي بقيادة نلسن والفرنسي بقيادة بونابرت والطرف الأغرّ بعدها بسبع سنوات وبهزائم أمام إنكلترا.

1803 كانت البحرية التي تركتها الثورة في حالة يرثى لها: فقد هجرها عدد كبير من الضباط وانتقلت بعض السفن الى العدوّ وأُغرق العديد منها واستولى الإنكليز على البعض الآخر، وكانت تنقصها كلها الصيانة. وبعد الهزيمة في أبو قير كان الوضع مفجعًا.

 

إستعدادات الأمبراطور البحرية

أطلق الأمبراطور إذن برامج بناء واسعة. إلاّ أن المسألة تحتاج الى سنوات لبناء سفينة واحدة. وكذلك الأمر بالنسبة الى إعداد ضباط وبحارة وإجراء تدريبات مشتركة للقيادة والطواقم… 1803 في زمن إبطال اتفاقية السلام لم يكن لدى فرنسا سوى 50 سفينة في حالة سيئة بمواجهة 150 سفينة للبحرية الإنكليزية.

بيد أن بونابرت كان مصمما على التصدي للإستفزاز البريطاني، ولِم لا؟ وضعُ حدّ للتهديد الإنكليزي. فكان عليه أن ينزل على الساحل الإنكليزي بين هاستينغز ودوفر اللتين تبعدان حولي 40 كيلومترا عن بولونيه. والخطة التالية الزحف على لندن. وقد أطلق على هذا المشروع “الهدف الكبير”، وهو يعيد إلى الأذهان في نقاط عديدة الإنزال الأنغلو – أميركي في حزيران 1944.

أصدر بونابرت أمرًا بأن يباشر، اعتبارا من صيف 1803، ببناء 2500 سفينة صغيرة على الساحل الشمالي بين لوهافر وآنفر (البلجيكية). يتعلّق الأمر بقوارب مسطّحة قادرة على المناورة بالشراع والمجذاف. ويتسع كل من تلك الزوارق لمئة جندي وعشرين حصانًا وبعض قطع المدفعية ومؤنها. وقد توجه عدة مرات الى ساحل بولونيه وشارك بنفسه في التمارين الخاصة بالإبحار والإنزال.

في سبيل تأمين إبحار ذلك الأسطول الذي يحتاج الى ليلة ونهار على الأكثر للعبور، لا بد له من السيطرة على المضيق طوال بضعة أيام. أمّا السفن الراسية في مختلف الموانئ الفرنسية فكان عليها أن تلتقي في وقت واحد وبحالة جيدة، في موعد محدّد مسبقًا؛ والشرط الأساس لتلك المناورة المشتركة عدم لفت انتباه الإنكليز. عيّن نابوليون الأميرال فيلنوف على رأس “الهدف الكبير”. غير أنه ارتاب لتباطؤ الضابط وعدم صلابته؛ فهو يدرك صعوباته في فرض نفسه على الطواقم. لكن وفاة لاتوش تريفي، المقدام والمجرّب عام 1804 أجبرته على هذا الإختيار.

الصعوبة الأولِ: إخراج الِسفن من موانئ بْرِست وطولون وروشفور التي يحاصرها الأسطول البريطاني منذ 1803. في برِست حاول اللواء البحري غانتوم الإفادة من أدنى عاصفة تبدّد الإنكليز لإحداث منفذ. إلاّ أنه تعرّض في كل مرة للمطاردة واضطر للعودة الى المرفأ.

في طولون نجح فيلنوف في 30 آذار 1805، مستفيدًا من الميسترال (ريح شمالية عنيفة باردة جافّة تهبّ على المقاطعات الفرنسية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط) في الإبحار بعد أن غافل الأميرال نلسن، قائد الأسطول البريطاني. فهبّ هذا الأخير في اليوم التالي لمطاردة الفرنسيين باتجاه المتوسط الشرقي إعتقادًا منه بأنهم قاصدون مصر.

قام فيلنوف بادئ الأمر بضم قادش الى الأسطول الإسباني بقيادة الأميرال غرافينا. في الواقع أن اسبانيا تحالفت مع نابوليون منذ اتفاقية آميان التي طالب فيها انكلترا بأن تعيد مينوركا الى اسبانيا. وإمعانًا في تضليل نلسن الذي أدرك أخيرا أن الفرنسيين متوجهون غربًا، سلك الأسطول الفرنسي الإسباني غير المتجانس وبالتالي البطيء، الطرق الى جزر الأنتيل. غير أن رجال نلسن المدرّبين أحسن تدريب أدركوه بسهولة.

بعد مناورات جرت في جزر الأنتيل الإنكليزية (بخاصة إستعادة الفرنسيين جزيرة ديامان في 30 أيار، إتجه فيلنوف نحو المانش آملاً أن يكون غانتوم تمكّن من مغادرة برِست حيث يلتقيان في الموقع الذي حدّده نابوليون سرًّا في عرض البحر بانتظار الإقلاع سوية باتجاه مضيق با دو كاليه.

لكن القدر شاء بعكس ذلك. إذ لم يتمكن غانتوم من مغادرة برِست وبات نلسن الأسرع حركة في ضواحي المانش. والأهم أن انكلترا لم تعد وحدها ضد فرنسا. فانتقلت النمسا الى الهجوم، وانتهي بذلك “الهدف الكبير”.

صُرف النظر عن النزول في دوفر. وغادر نابوليون بولونيه وأرسل الجيش الكبير باتّجاه فيينا. أمّا أسطول فيلنوف فتلقّى أمرًا بالعودة الى البحر المتوسط لمؤازرة الإسبان في نابولي. ورسا في قادش لتحميل المؤن.

وبالرغم من أن مخاطر الإنزال في انكلترا قد زالت، تلقى نلسن هو أيضا أمرًا بالعودة الى المتوسط. فقرر الأميرال الإنكليزي الإستقرار في عرض الطرف الأغرّ، حيث من المؤكد أنه سيلاقي الأسطول الفرنسي الإسباني في هذا المكان.

طلب نابوليون الى فيلنوف ألاّ يواجه قوة إنكليزية متفوّقة، لا سيما وأنه من الجانب الإسباني، وبسبب التقادم ونقص التدريب وصعوبات التواصل، هناك سفينتان لواحدة. فالسبع عشرة سفينة والخمسة عشر مركبًا اسبانيا الخاضعة لأوامر الأميرال الفرنسي لا تتمتع مجتمعة بأية خبرة قتالية. ومع ذلك قرّر فيلنوف، الذي تحلّى بالحذر حتى ذلك الوقت، الإقلاع من قادش في 19 تشرين أول، إعتقادًا منه بأن أحوال الطقس ملائمة؛ لكنها كانت سيئة. وظنّ أن أسطول نلسن يتكوّن من 18 سفينة، بينما يبلغ عددها 27، مزوّدة كل منها بثلاثة جسور، وهي أسرع وأفضل تسليحًا من مثيلاتها الفرنسية ومؤهّلة تماما لكل المناورات حتى أدقّها أية كانت حركة الرياح واضطراب الأمواج والتيارات.

في 21 تشرين أول عند الفجر تأهب الأسطولان في عرض رأس الطرف الأغرّ المعروف جيدا من قبل الإنكليز. كانت الريح مؤاتية لهؤلاء. بدأت المعركة بعد الواحدة ظهرًا بقليل. وقد شقّ على الفرنسيين والإسبان كثيرا التشكل بالتتالي استعدادًا للقتال.

 

نلسن يعتمد خطة غير مسبوقة

فاجأ الإنكليز خصومهم باعتماد تكتيك جديد تماما لكنه محفوف بالمخاطر (لجهة تعرّض المراكب أكثر فأكثر للرياح). فمنذ عقود من السنين اعتادت الأساطيل المجابهة في خطوط متوازية، بحيث تقاتل كل سفينة السفينة المقابلة. تقدّم نلسن في صفّين عموديين بالنسبة الى الصف الفرنسي الإسباني، وتولّى كل صف شقّ الآخر، والتحم بالسفن التي أوقعت في ملزمة وهوجمت من جميع الجهات. ففقدت سفن فيلنوف وغرافينا صواريها واكتسحتها المدفعية التي أوقعت مئات القتلى والجرحى.

كانت المعركة دامية من الطرفين. حتى نلسن أصيب على متن فيكتوري، بطلقة من مسدّس بحّار على متن سفينة ريدوتابل. وقد ساهمت رواية النزاع الأخير في أسطورة الأميرال الإنكليزي الذي فقد عينًا وذراعًا ورفض أن يخضع لعملية جراحية رغم تحطم عموده الفقري وإصابته بشلل كامل. وأوعز للجرّاح أن يعنى بالجرحى الآخرين. وكان يطّلع على سير المعركة واستمر في إعطاء الأوامر وكلّف الأميرال كولينغوود بقيادة الأسطول.

نقل عن البطل الإنكليزي ختامًا قولُه للقسيس:   “سوف أموت، يا سْكوت. تذكّرني أمام السيدة هاميلتون. لقد تركت وصية تمنيت فيها على بلادي أن ترعاها، لا تنسَ”. وأنه طلب ماء للشرب، ثم استدعى القائد هاردي، قبطان فيكتوري، وقال له: “بعد وفاتي، قصّ لي شعري واعطه للسيدة هاميلتون”. ثم كانت هذه الأوامر غير المتوقّعة من فم بحّار تميّز حتى تلك اللحظة بسرعته في القتال: “أُلقوا المراسي !” ثم هذه الكلمات الأخيرة: “لا ترموا بجسدي في البحر” التي أعقبت أُلقوا المراسي !، السيدة هاميلتون، “قمت بواجبي“، وكلمة “قبّلني” الشهيرة الموجهة الى هاردي.

الإنتصار الإنكليزي، عقب خمس ساعات من القتال، جاء كاسحًا. فلقد وقع نصف الأسطول الفرنسي الإسباني في أيدي الإنكليز الذين تكبّدوا 2000 قتيل وجريح، بينما بلغت خسائر الجانب الفرنسي 5000 والإسباني 1500. مات نلسن لحظة انتهاء المعرك عند الساعة الرابعة بعد الظهر. فأقيم له مأتم وطني في لندن في الخامس من كانون ثان 1806. أمّا نابوليون الذي انتصر في آوسترليتز  في 2 كانون أول 1805 فكان في تلك الأثناء في فيينا. مراسهم الدفن حضرها فيلنوف الذي وقع في الأسر أثناء المعركة ونقل الى انكلترا على متن بوزانتور. وقد أطلق سراحه إثر انتهاء المراسم بعد أن أقسم بألاّ يعود أبدًا الى الخدمة العسكرية ضد انكلترا. لكن الأميرال الفرنسي انتحر وهو في طريقه الى باريس حيث كان نابوليون في انتظار سماع شهادته حول الهزيمة.

لقد قيل الكثير  في شأن هذا الإنتحار. إلاّ  أن الرسالة الرائعة التي وجّهها فيلنوف الى زوجته قبل وفاته تعبّر خير تعبير عن الغبن الذي كان ضحيته من القدر ومن نابوليون الذي يكنّ له كل ضغينة. 1840 اجتمعت لجنة من الخبراء لتعيين أسماء البحارة الذين ستحفر على قوس النصر، فكان اختيارها له على قدم المساواة مع كبار القادة من أمثال غانتوم وبروي.

بعد مرور أسابسع قليلة على انتحار فيلنوف توفي الأميرال الإسباني غراغينا في قادش متأثرًا بالجروح التي أصيب بها في الطرف الأغرّ. فاشتد الحقد في اسبانيا ونزل الملك كارلوس الرابع عن العرش وباتت الحرب الإسبانية وشيكة.

أمّا في انكلترا التي أُنقذت من عملية الإنزال فقد اعتلت أصوات الإشادة بالطرف الأغرّ والأميرال نلسون. بينما ضُرب صفح على المعركة في فرنسا حيث كان نابوليون في أوج جبروته.

أواخر 1805 لم يبق من الأسطول الفرنسي سوى ثلاثين مركبًا. ورغم الجهود الجبّارة التي رافقت البناء البحري في جميع موانئ الأمبراطورية، لم تعد المعارك في البحر ممكنة. وحُكم على فرنسا أن تكتفي بدورها القاري (في البَر)، حيث أن الأمبراطورية البحرية ظلّت لفترة ملك الإنكليز.

 

وصية نلسن

إلتقى نلسن والسيدة هاميلتون في نابولي 1799 بعد معركة أبو قير. وأصبحت زوجة سفير إنكلترا في نابولي الحب الكبير في حياة الأميرال الذي هجر لأجلها زوجته المنحدرة من جزر الأنتيل، ذلك الهجر الذي أخذه عليه جزء من انكلترا المتزمتة مأخذًا.

في الوصية التي تركها في االطرف الأغر يطلب نلسن بألاّ  يُلقى بجثمانه في البحر. كما يطالب بأن تُسلَّم خصلة من شعره الى عشيقته وأن تحظى (وابنتهما أوراسيا) بحماية بلده، بما فيها المادية. لكن هذه الأمنية الأخيرة لم تُستجب. فاضطرت إيما هاميلتون لطلب اللجوء الى نابوليون الذي استقبلها 1813 بالقرب من معسكر بولونيه. وماتت “البطلة صاحبة الفضائح” 1815 في كاليه.

د.ايلي مخول

عن ucip_Admin