وجه البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين في المؤتمر العالمي للمنظمة الكاثوليكية العالمية للاتصالات، سيغنيس، توقف فيها عند أهمية الوسائل الرقمية وأيضا ما تطرحه من تحديات.
عقدت المنظمة الكاثوليكية العالمية للاتصالات سيغنيس مؤتمرها العالمي من ١٥ حتى ١٨ تموز يوليو الجاري في سيول. ولهذه المناسبة وجه البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين في المؤتمر معربا في البداية عن تحياته وتمنياته للجميع، كما وتوقف عند عقد المؤتمر في عاصمة كوريا الجنوبية والتي وصفها الأب الأقدس بأرض أبرز تاريخ الكرازة فيها قوة الكلمة المطبوعة والدور الهام للعلمانيين في نشر الإنجيل.
ثم انتقل البابا فرنسيس إلى الحديث عن الموضوع محور المؤتمر العالمي وهو “السلام في العالم الرقمي”، فأشاد بهذا الاختيار في فترة تطبعها بؤرات عنف وعدوان جديدة في عالمنا. ثم تابع قداسته مشيرا إلى أن ثورة وسائل الإعلام الرقمية التي شهدتها العقود الأخيرة قد أكدت كونها أدوات قوية لتعزيز الشركة والحوار في عائلتنا البشرية. وأشار الأب الأقدس هنا إلى أن فترات الإغلاق خلال جائحة كوفيد ١٩ قد أوضحت كيف يمكن للوسائل الرقمية أن تجمعنا لا فقط من خلال نشر المعلومات الأساسية بل وأيضا عبر تقليص وحدة العزلة، وفي حالات كثيرة عبر جمع العائلات والجماعات الكنسية في الصلاة والتعبد. إلا أن استخدام الوسائل الرقمية وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي، واصل البابا فرنسيس، قد طرح عددا من القضايا الأخلاقية الهامة والتي تدعو إلى تقييم يتميز بالحكمة والتمييز من قِبل العاملين في مجال الاتصالات وجميع المهتمين بصدق العلاقات البشرية وجودتها. وتحدث الأب الاقدس هنا عن أن الوسائل الرقمية قد تحولت في بعض الأحيان وفي بعض الأماكن إلى وسائل مسمِّمة ومليئة بخطاب الكراهية والأنباء الزائفة. وتابع البابا مشيرا إلى الدور الهام الذي يمكن لمنظمة سيغنيس أن تلعبه أمام هذا التحدي من خلال التربية في هذا المجال وجمع الوسائل الكاثوليكية في شبكة ومواجهة الأكاذيب والإعلام المضلِّل. وشجع قداسته بالتالي المشاركين في المؤتمر على مواصلة هذه الجهود مع اهتمام خاص بضرورة مساعدة الأشخاص، وخاصة الشباب، على تنمية حس نقدي مسموع وتعلُّم التفرقة بين الحقيقة والزيف، الصحيح والخاطئ، الخير والشر، وأيضا تثمين أهمية العمل من أجل العدالة والوفاق الاجتماعي واحترام بيتنا المشترك. شدد البابا فرنسيس أيضا على ضرورة أخذ بعين الاعتبار الجماعات الكثيرة في عالمنا التي لا تزال مستبعَدة من الفسحة الرقمية، وعلى جعل الدمج الرقمي أولوية في نشاط المنظمة والتي ستقدم هكذا إسهاما كبيرا في نشر ثقافة سلام تقوم على حقيقة الإنجيل.
ذكّر الأب الأقدس بعد ذلك بحديثه في رسالته لمناسبة اليوم العالمي للاتصالات هذا العام عن الإصغاء باعتباره أول عناصر الحوار والاتصالات الجيدة، عنصرا لا غنى عنه. وذكَّر أيضا بدعوته الصحفيين إلى تطوير قدرتهم على الإصغاء بأذن القلب، وشدد قاسته على أن مثل هذا الإصغاء يرتبط بمنظمة سيغنيس أكثر من أي طرف آخر وذلك بحكم كونها جماعة كاثوليك عاملين في مجال الاتصالات. وأضاف قداسته أن الاتصالات ليست مجرد مهنة بل هي خدمة للحوار والتفاهم بين الأشخاص والجماعات من أجل بلوغ تعايش سلمي وهادئ. وتابع البابا مشيرا إلى كون الإصغاء أمرا جوهريا بالنسبة للمسيرة السينودسية التي بدأتها الكنيسة هذا العام، وأعرب هنا عن الرجاء أن تساهم منظمة سيغنس في هذه المسيرة من خلال مساعدة شعب الله المقدس في التزامنا بالإصغاء أحدنا إلى الآخر وإلى مشيئة الرب، وبالنمو في الوعي بأننا جزء من شركة تسبقنا وتشملنا. وهكذا أيضا، واصل البابا فرنسيس في حديثه إلى المشاركين في المؤتمر، ستساعد جهودكم من أجل تعزيز السلام في العالم الرقمي في بلوغ كنيسة أكثر “سمفونية” حيث يتم التعبير عن الوحدة في تعدد أصوات متناغم ومقدس.
وفي ختام رسالته إلى المشاركين في المؤتمر الدولي للمنظمة الكاثوليكية العالمية للاتصالات سيغنيس أعرب البابا فرنسيس عن أطيب تمنياته لعملهم ومن أجل الإثمار الروحي لهذا المؤتمر. ثم أكد الأب الأقدس طلبه من الله للجميع وعائلاتهم وزملائهم وكل مَن يخدمونهم بركات الحكمة والفرح والسلام الوفيرة، وسألهم ألا ينسوا أن يُصلوا من أجله.