أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في قاعة بولس السادس في الفاتيكان وتابع خلالها سلسلة تعاليمه حول التمييز.
استهل قداسة البابا فرنسيس مقابلته العامة مع المؤمنين قائلا من الأهمية بمكان خلال مسيرة التمييز أن نبقى متنبهين أيضا للمرحلة التي تلي مباشرة اتخاذ القرار ذلك لإدراك العلامات التي تؤكده أو تدحضه. وذكّر بأن الوقت هو معيار أساسي للتعرف على صوت الله وسط العديد من الأصوات الأخرى. وأشار إلى أن من بين العلامات المميزة للروح الصالح هي كونه يحمل سلامًا يدوم مع الوقت. سلام يمنح تناغما ووحدة وحماسا. فعلى سبيل المثال، إذا قررتُ تخصيص نصف ساعة إضافية للصلاة، ولاحظت من ثم أنني أعيش اللحظات الأخرى من اليوم بشكل أفضل، فإنني أكون أكثر هدوءا وأقل قلقًا، وأقوم بعملي بعناية أكبر… هذه كلها علامات مهمة تدعم صلاحية القرار المُتخذ، قال الأب الأقدس، وأشار إلى أن الاختيار الجيد يفيد جميع مجالات حياتنا.
وتابع البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي لافتًا إلى أنه يمكننا التعرف على بعض الجوانب الهامة التي تساعد على قراءة الوقت الذي يلي اتخاذ القرار كتأكيد ممكن على صلاحيته، وتحدث بداية عما إذا كان القرار كعلامة ممكنة لجواب على محبة الرب وسخائه تجاهنا، قرار لا ينبع من خوف وضغط عاطفي وإكراه، إنما من الامتنان على الخير الذي نلناه والذي يحرّك القلب كي يعيش العلاقة مع الرب بسخاء. وتوقف الأب الأقدس من ثم عند عنصر آخر مهم – كما قال – وهو الوعي بشعورنا بأننا في مكاننا في الحياة – تلك الطمأنينة – والشعور بأننا جزء من مخطط أكبر نرغب الإسهام فيه، وأشار إلى أن باستطاعة الإنسان أن يعرف أنه وجد ما يبحث عنه حين يصبح يومه منظما بشكل أكبر، وعندما يشعر بتكامل متنام بين اهتماماته المتعددة، ويقيم تراتبية سليمة للأهمية وينجح في عيش ذلك بسهولة، مواجهًا المصاعب بطاقة وشجاعة متجددتين.
وأشار الأب الأقدس إلى علامة أخرى جيدة وهي أن نبقى أحرارا أمام القرار المُتخذ ومستعدين لوضعه موضوع تساؤل، وأيضا العدول عنه في حال عدم صلاحيته، ساعين إلى أن نجد في ذلك تعليما ممكنا من الرب. وحده الله يعرف ما هو حقًا صالح لنا. إن التملك هو عدو الخير ويقتل العاطفة: إن حالات العنف الكثيرة في البيئة المنزلية تنشأ بشكل دائم تقريبا من ادّعاء امتلاك عاطفة الآخر، والبحث عن أمن مطلق يقتل الحرية ويخنق الحياة جاعلا إياها جحيمًا.
وأضاف البابا فرنسيس يقول في الحرية فقط نستطيع أن نحب، ولهذا خلقنا الرب أحرارا. أن نقدّم للرب أعزّ ما لدينا هو في مصلحتنا، ويتيح لنا أن نعيشه بأفضل شكل ممكن وفي الحقيقة، كعطية قدمها لنا، كعلامة صلاحه المجاني، مدركين أن حياتنا، كما التاريخ كله، بين يديه العطوفتين. وهذا ما يسمّيه الكتاب المقدس مخافة الله، وهو شرط أساسي لتلقّي عطية الحكمة (راجع يشوع بن سيراخ ١، ١ – ١٨). وتوقف البابا فرنسيس عند كلمات القديس بولس في رسالته إلى أهل فيليبي (٤، ١٢ – ١٣) ” فأُحسِنُ العَيشَ في الحُرْمان كما أُحسِنُ العَيشَ في اليُسْر. ففي كُلِّ وقْتٍ وفي كُلِّ شَيءٍ تَعَلَّمتُ أَن أَشبَعَ وأَجوع، أَن أَكونَ في اليُسرِ والعُسْر، أَستَطيعُ كُلَّ شيَءٍ بِذاكَ الَّذي يُقوِّيني”.
وفي ختام مقابلته العامة مع المؤمنين صباح اليوم الأربعاء في قاعة بولس السادس في الفاتيكاني، أشار البابا فرنسيس إلى أن إدراك ذلك هو أساسي لاتخاذ قرار جيد، ويطمئننا بشأن ما لا نستطيع التحكم فيه أو تكهّنه: الصحة، المستقبل، الأشخاص الأعزاء، مشاريعنا. المهم أن نضع ثقتنا في الله الذي يحبّنا كثيرا ويعرف أننا معه نستطيع بناء شيء رائع، أبدي. إن حياة القديسين تُظهر لنا ذلك بأجمل شكل.