كانت أهمية التربية والتعليم محور كلمة البابا فرنسيس إلى متطوعي جمعية “أعمال تعزيز محو الأمية في العالم” الذين استقبلهم اليوم.
استقبل البابا فرنسيس قبل ظهر اليوم الاثنين متطوعي جمعية “أعمال تعزيز محو الأمية في العالم”. وفي بداية كلمته رحب الأب الاقدس بالجميع وشكر رئيس الجمعية على كلمته، وتوقف عند كون الأب روبرت شاهدا قبل أن يكون رئيسا لأنه هو نفسه قد تعلم في صغره بفضل مساعدة الجمعية. وتابع البابا أن الأب روبرت لم يكن يتخيل أن يصبح يوما ما رئيسا للجمعية، إلا أن هذه هي مفاجآت الله.
تحدث الأب الأقدس بعد ذلك عن احتفال الجمعية منذ فترة قصيرة بالذكرى الخمسين لتأسيسها على يد الأب كارلو موراتوري، وذلك لأنه قد انتبه خلال خبرته الإرسالية إلى أن التربية هي جزء هام من الكرازة والتعزيز البشري. وذكَّر البابا في هذا السياق بأن تلك كانت السنوات التي كتب فيها البابا بولس السادس الرسالة العامة “ترَقي الشعوب” والتي تحدث فيها عن التنمية كطريق سلام، وأكد البابا فرنسيس بالتالي على أنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية بشرية متكاملة بدون تعليم، وشكر الله على الحمِيّة الرسولية للأب كارلو موراتوري وأيضا على خليفته الأب ألدو مارتيني الذي قاد الجمعية لعشرين سنة انطلاقا من تحفيز الواقع التاريخي وتعليم الكنيسة. وواصل الأب الأقدس متحدثا عن الامتنان لجميع المتعاونين ومتطوعي وداعمي الجمعية الكثيرين الذين مكنوا “أعمال تعزيز محو الأمية في العالم” خلال هذه السنوات الخمسين من تنفيذ ومواصلة الآلاف من المشاريع في أكثر من ثمانين بلدا.
ثم عاد البابا فرنسيس إلى الرسالة العامة للبابا بولس السادس “ترقي الشعوب” فقال إننا حين نعيد قراءة هذه الوثائق الحبرية العظيمة من ستينيات القرن الماضي، ما ينطبق أيضا على الرسالة العامة “السلام في الأرض” للبابا يوحنا الثالث والعشرين، فإننا ننتبه من جهة إلى كم هي معاصرة، ولكن من جهة أخرى ومع الأسف إلى أنه لم يتم الإصغاء إليها، فصحيح أن كثيرين قد أعربوا عن اتفاقهم بالكلمات، إلا أن نموذج التنمية لم يتغير عمليا حتى اليوم. ويعني هذا، حسب ما تابع قداسة البابا، أنه ورغم ما تم تحقيقه من أعمال سخية وتضامنية كثيرة سواء على الصعيد المدني أو الكنسي فإنه لم تتم إزالة أسباب تأخر التنمية. وأضاف قداسته قائلا لضيوفه إن عملهم يهدف إلى إزالة أحد هذه الأسباب، أي الأمية. ثم ذكَّر بما كتب البابا بولس السادس في الرسالة العامة المذكورة حين شدد على ضرورة “أن تحتل التربية في الأساس المحل الأول بين أهداف المخطط الإنمائي. فالجوع إلى المعرفة لا يقل إيذاء عن الجوع إلى الطعام”، وأشار البابا فرنسيس هنا إلى شعار الجمعية “خبز التربية”. ثم عاد قداسته إلى إشارة البابا بولس السادس في رسالته العامة إلى أهمية ما يتم القيام به من عمل في هذا المجال ووصفه مَن يقومون بهذا العمل بصانعي التنمية الأوائل، وذلك لأنهم يسعون إلى جعل الإنسان قادرا على أن يكون بطل تنميته.
وتابع البابا فرنسيس أن حلم الرسالة العامة “ترقي الشعوب” هو الحلم ذاته لرسالته العامة ” Fratelli tutti”، إنه حلم الكنيسة، أو بالأحرى حلم الله الذي يريد عالما يمْكننا جميعا أن نعيش فيه كأخوة وأخوات بكرامة كاملة. وشكر ضيوفه على كونهم يتعاونون بعملهم اليومي في تحقيق هذا الحلم، الحلم بأخوّة وصداقة اجتماعية لا تقتصر على الكلمات. وأضاف أنهم بعملهم بالتعاون مع المرسلات والمرسلين العاملين على أرض الواقع يساهمون في بناء عالم منفتح ينعم فيه الجميع بالمرافقة في مسيرة حياتهم، لا فقط للحصول على الاحتياجات الأولية بل ليتمكنوا من تقديم أفضل ما لديهم.
وفي ختام كلمته إلى متطوعي جمعية “أعمال محو الأمية في العالم” شجع البابا فرنسيس ضيوفه على السير قدما محافظين على جودة عملهم ومغذين إياه دائما برحيق الإنجيل كي يحافظ الروح القدس على الإلهام والتحفيز وأسلوب العمل حية. ثم تضرع الأب الاقدس كي ترافق العذراء ضيوفه وتهبهم نعمة “التوجه مسرعين” إلى حيثما هناك حاجة إلى المساعدة. بارك البابا بعد ذلك الجميع وكل من يتعاون مع الجمعية وسأل الحضور أن يُصلوا من أجله.