“إذا استدعينا الروح القدس، سنتعلم أن نقبل ونتذكر أهم حقيقة في الحياة، والتي تحمينا من اتهامات الشر: أننا أبناء الله المحبوبون” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة إفرحي يا ملكة السماء
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة إفرحي يا ملكة السماء مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها يحدثنا إنجيل اليوم، الأحد السادس من زمن الفصح، عن الروح القدس الذي يسميه يسوع البارقليط. البارقليط هي كلمة تعني في الوقت عينه المعزي والمحامي. أي أنَّ الروح القدس لا يتركنا وحدنا وهو قريب منا، كمحامٍ يساعد المتهم بالبقاء إلى جانبه. ويقترح علينا الدفاع عن أنفسنا في وجه من يتهمنا. لنتأمل حول هذا: قربه منا ومساعدته لنا ضدَّ من يتهمنا.
تابع البابا فرنسيس يقول قربه: إن الروح القدس يقول يسوع “يُقيمُ عِندكم ويَكونُ فيكم”. هو لا يتركنا. إنَّ الروح القدس يريد أن يكون معنا: فهو ليس ضيفًا عابرًا يأتي ليقوم بزيارة مجاملة لنا. إنه رفيق الحياة، وحضور ثابت، إنه روح ويريد أن يقيم في أرواحنا. إنه صبور ويبقى معنا حتى عندما نسقط. هو يبقى لأنه يحبنا حقًا: هو لا يتظاهر بأنه يحبنا لكي يتركنا بعدها وحدنا في الصعوبات. لا. إنه أمين وواضح وحقيقي.
أضاف الأب الأقدس يقول لا بل، إذا وجدنا أنفسنا في تجربة، فإن الروح القدس يعزينا، ويحمل لنا مغفرة الله وقوته. وعندما يضعنا أمام أخطائنا ويصلحنا، يقوم بذلك بلطف: وفي صوته الذي يخاطب القلب هناك دائما طابع الحنان ودفء الحب. بالطبع، الروح البارقليط هو متطلِّب، لأنه صديق حقيقي وأمين لا يخفي شيئًا، ويقترح علينا ما يجب علينا أن نُغيِّره وكيف ننمو. ولكن عندما يصلحنا هو لا يهيننا أبدًا ولا يبعث فينا عدم الثقة أبدًا. بل على العكس، هو ينقل إلينا اليقين أننا مع الله سوف ننجح على الدوام. هذا هو قربه.
تابع الحبر الأعظم يقول لنرى الآن الروح البارقليط، إنه محامينا، يدافع عنا ضد الذي يتهمنا. هو يدافع عنا أمام أنفسنا، عندما لا نحب بعضنا البعض ولا نسامح بعضنا البعض، لدرجة أنه قد يقول لنا ربما أننا فاشلون ولا خير منا؛ إزاء العالم، الذي يُهمِّش ويضع جانبًا الذين لا يتوافقون مع مخططاته ونماذجه؛ وإزاء الشيطان، الذي هو “المُتَّهم” والمقسم بامتياز والذي يفعل كل شيء لكي يجعلنا نشعر بالعجز والحزن.
أضاف الأب الأقدس يقول إزاء جميع الأفكار المتَّهِمة، يقترح علينا الروح القدس كيفية الرد. كيف؟ إن البارقليط، يقول يسوع، هو الذي “يذكرنا بكل ما قاله لنا يسوع”. وبالتالي هو يذكرنا بكلمات الإنجيل، ويذكرنا بيسوع ابن الله، وهكذا يسمح لنا بالرد على الشيطان المتهم ليس بكلماتنا الخاصة، بل بكلمات الرب عينها. يذكرنا أولاً أن يسوع كان يتحدّث على الدوام عن الآب الذي في السماوات، أبوه وأبونا، وأخبرنا عنه وأظهر لنا محبته لنا، نحن أبناءه. وبالتالي إذا استدعينا الروح القدس، سنتعلم أن نقبل ونتذكر أهم حقيقة في الحياة، والتي تحمينا من اتهامات الشر: أننا أبناء الله المحبوبون.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة إفرحي يا ملكة السماء بالقول أيها الإخوة والأخوات، لنسأل أنفسنا اليوم: هل نستدعي الروح القدس، هل نرفع إليه صلاتنا غالبًا؟ لا ننسينَّه أبدًا هو القريب منا، لا بل المقيم في داخلنا! ومن ثمَّ، هل نُصغي إلى صوته، سواء عندما يشجعنا أو عندما يصلحنا؟ هل نرد بكلمات يسوع على اتهامات الشر وعلى “محاكم” الحياة؟ هل نتذكر أننا أبناء الله المحبوبين؟ لتجعلنا مريم العذراء مطيعين لصوت الروح القدس ومتنبِّهين لحضوره.