شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | أقطاب الحب الثلاثة: الرجل – المرأة – الله. لاهوت الحبّ والزواج (3)
أقطاب الحب الثلاثة: الرجل – المرأة – الله. لاهوت الحبّ والزواج (3)
الزواج

أقطاب الحب الثلاثة: الرجل – المرأة – الله. لاهوت الحبّ والزواج (3)

يعتقد الكتاب المقدّس في صفحاته الآولى ، تحت قلم المؤلّف اليهويّ (التقليد اليهويّ هو أحد التقاليد الرئيسة الأربعة التي هي في أصل تأليف التورا وهو يمتاز بكونه يطلق على الله ، منذ رواية خلق العالم ، اسم يهوه ، قبل أن يوحى به إلى موسى في خروج 3 : 15 ) ، إنّ الإنسان المتّحد بالله ، الذي يحبّه ، يعيش في السعادة (الفردوس) . لكن هذه السعادة لا تكتمل إلاّ إذا أحبّ المرء واحدًا آخر ، شخصـــًا ثالثــــًا : المرأة .

يقول المطران يوسف توما : المشكلة تأتي – بالنسبة لكاتب اليهويّ – عندما يقعُ القطب الثاني : الله ، في النسيان . السبب كامنٌ في القلق الذي تزرعه الحيّة (التي ترمز إلى العدم والكذب والشكّ) . فتنقلب السعادة إلى جنون ، ويتحوّل الفردوس إلى تهديد وخوف وشعور بالعري ، ورغبة بالهرب ، ويتحوّل الحبّ بين الرجل والمرأة إلى صراع (صراع الجنس) ، ويختلط الحابل بالنابل ، والرغبة بالحاجة وحبّ السيطرة بالرغبة في إذلال الآخر .

هكذا تتوّلد خيبة الأمل والشعور باللعنة . ويمتدّ الهرب إلى العمق ، ويتأرجح المرء بين رغبة الهيمنة وبين الإحساس بالعجز ، بين الرغبة الشديدة والشعور بالعار .

كلّ القصص والحكايات ، منذ بدء الكتابة ، منذ ملحمة كلكامش ، منذ قصص الحبّ الآولى حتى آخر الأفلام والمسلسلات ، كلها تحكي هذه الحتميّة في الحبّ : إنه الذهول أمام ” حتميّة الحبّ ” ، أمام لقاء الجنسين ، ويتّصل هذا اللقاء بالديانة ، بالشعور بالقدسي ، بغبطة المحبّين ؛ لكن سرعان ما تتحرّك أسس الحقد والبغض ، ويتولّد بين الرجل والمرأة الحاجة إلى الإقتصاص من الآخر ، إلى تعذيبه .. فيختلط كلّ شيء .

هل هذا هو نصيب الجميع ؟

كلّا ، إنه فقط نصيبُ المطرودين من الفردوس (عدن) ، من صداقة الله . إنه نصيب مَن فقد ” بوصلة ” حياته ودعوته ، الخائف من الخليقة ذاك الذي قطع الصلة ” بأصوله الآولى “، الذي فقط ما هو ” طبيعيّ ” فيه .

السؤال يُطرح الآن : هل الكاتب اليهويّ متشائم من الحبّ ؟!

بالنسبة له ، الحبّ ليس مجرّد دعوة الإنسان الأصليّة ، ولا مجرّد قوّة القلب العميقة . الحبّ هو ” الفردوس المفقود “. فلو استطاع الناس أن يحبّوا حقّا ، لتحوّلت الأرض إلى فردوس ، ولأستضاء كلّ شيءٍ كما كانَ في اليوم الأوّل ، ولأحسّ الإنسان بـــ الوحدانيّة الآولى ” يوم كان متحدا مع كلّ الخليقة ” محاورا إيّاها ” ، ” مسمّيا إيّاها ” ، كلّ ذلك بإتجاه هذه المجهولة ، المرأة ، التي كان الله يعدّها له ، في الخفاء ليقدّمها له في اليوم المناسب ، عندما سيحرقه لضى الحبّ . قد نرى هنا ، نوعًا ما ، المشكلة الكبيرة العويصة حول عدم فهو وإدراك سرّ شخص يسوع (الابن) وسرّ الثالوث ! .. من فقد معنى ” الحبّ الأصليّ ” هذا ، أي فقد الوحدانيّة الحقيقيّة والإتحاد بالله ، بالمحبّة الآولى ، سيصعب عليه فهم سرّ شخص المسيح وسرّ الثالوث .

همّ الكاتب هنا ، ليس وضع أيّة أفضليّة للرجل على المرأة ، بل إنّه يبيّن لنا أنّ أحتقار الرجل للمرأة لا يدخل ضمن مخطّط الله ، ولا إرادته الآولى . ونستطيع القول هنا ، أن أفكاره هذه هي ثورة على السائد في عقليّتنا ، هذا اليوم ، أي عندما نفهم أنّ المرأة هي المُجرِّبة والمجرَّبة . بالعكس ، فالكاتب يخلّصها من هذا ، فيضع للتجربة مصدرًا غامضا آخر : الحيّة . ويجعل المرأة ساذجة (أفرام السريانيّ) وخاطئة رغمًا عنها .

إذن ، فلننتبه هنا ، ونرى أمرًا مهمّا جدّا : الحبّ بين الرجل والمرأة ، أو بين خطيب وخطيبته ….. هو بركةٌ كبيرة ، ولا يتحوّل إلى ” لعنة ” و ” سكوت ” و ” عدم إحترام ” ، إلاّ حين لا يصيرُ الله مركز العالم ، أو يكون مركزا ومقياسًا للعلاقة وللحبّ . الرجل – الله – المرأة : فميزان العلاقة الحقيقيّة هو الله . فالرجل يرى الله في إمرأته ، والعكس صحيحٌ . والتجربة ، كما ذكرنا في الحلقات الآولى ، رموزها : شهوة ، لذّة ، إنها رموز جنسيّة واضحة ، وسنراها أيضا في نصوص سفر التكوين : الشجرة ، الثمرة . ولقد استقى الكاتب أفكاره من الثقافات القديمة وحضاراتها وأساطيرها ، لإن الأساطير هي الأسلوب الوحيد الذي كان لدى الأقدمين للتعبير عن العمق من الأفكار . لكنّ الكاتب اليهويّ لاهوتيّ بإمتياز : يحاول أن يفسّر الصراع بين الجنسين كنتيجة لفشل العلاقة الآولى بين الإنسان وبين الله .

يتبع

بقلم عدي توما / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).