أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | اليوم العالمي للغة العربية والإنتماء
اليوم العالمي للغة العربية والإنتماء

اليوم العالمي للغة العربية والإنتماء

كتب د. أنطوان الشرتوني على موقع الجمهورية بتاريخ 17/12/2021

لكل بلد لغته الخاصة به. ويتحدث سكان الأرض حوالى ستة آلاف وتسعمائة لغة ومنها فقط 6 % من اللغات التي يفوق متحدثوها المليون نسمة وطبعاً منها اللغة العربية. وإنتشرت «موضة» تعلم اللغات مع إنتشار العولمة التي طرقت باب كل دولة التي لا يمكن أن تنعزل عن العالم الخارجي وان تتقوقع في زاويتها بعيدة عن تقدم العلم. ولكن تشددت كل دولة على لغتها الأم مهما كانت صعوبتها أو سهولة تعلمها، فلغة الام لها سحرها الخاص وهي التي تجعل الإنسان منتمياً لدولته وشعبه. فما معنى «لغة الأم»؟ وما علاقتها بانتماء الإنسان لوطن؟

كل سنة في 18 كانون الأول، يحتفل العالم بشكل عام والبلدان الناطقة باللغة العربية بشكل خاص باليوم العالمي للغة العربية. ويقدر عدد متحدثي اللغة العربية حوالى 422 مليون نسمة، يتوزعون بشكل رئيسي في الوطن العربي (أو البلدان العربية) كما في مناطق أخرى مجاورة للوطن العربي ومنها تشاد والسودان، السنغال… وتأتي اللغة العربية بالمرتبة الرابعة بعد اللغة الصينية والإنكليزية والهندية. وفي هذا اليوم المخصص للغة العربية، تكثر الإهتمامات للغتنا الأم وتكثر الإجتهادات حول تاريخية اللغة العربية والتي تتمحور حول أصول سريانية، كنعانية، أوغاريتية وفينيقية… ولكن المهم في هذا الخصوص هو التمسك بلغتنا الأم فهي المصدر الأول والوحيد لإنتمائنا للوطن العربي.

اللغة العربية وتعلمها

لم يهتم علم النفس التحليلي فقط بمعالجة الإضطرابات النفسية وإكتشاف خبايا الشخصية وتكوينها… بل إهتم بالعديد من الامور التي تدور من حولنا ومنها الجريمة والقتل والإنتكاسة وصولاً للسلوكيات الإنحرافية وحب الذات والامراض النفس جسدية… وإهتمّ أيضاً باللغة وهذا ما نسميه بعلم النفس اللغوي. ويهتم هذا العلم ليس فقط بالأسباب النفسية التي تدفع المتلقن لتعلم لغة بل يدرس الترابط ما بين العوامل اللغوية والجوانب النفسية والتي تمكن الإنسان من إكتساب اللغة وإستخدامها في يومياته.

ونرى العديد من الأشخاص يهرعون لتعلم اللغات الأكثر نطقاً كالإنكليزية، أو اللغات النادرة كالأيسلاندية وصولاً للغات «الميتة» كاللغة السريانية أو اللاتينية وحتى اللغة الفينيقية أو الأوغاريتية. وطبعاً عدما نتكلم عن اللغة العربية وتعلمها لا يمكن أن ننكر اهمية العلوم التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة باللغة كالعلوم البيولوجية وعلوم الأعصاب وعلوم المعلوماتية وغيرها التي تساعد في إتقان أي لغة. فكلنا نعرف بأن اللغة العربية هي من أكثر اللغات غنى من ناحية المفردات، لذا الذاكرة والتركيز والمنطق من الأسس المهمة لإتقانها. فلا يمكن أن «نشلخ» اللغة عن الإدراك. لذا عندما نريد أن نتعلم لغة أو نريد أن نعلمها لطفلنا أو نساعده في تقويته بلغة ما، يجب الأخذ بعين الإعتبار قوة إنتباهه وسرعة إتقانه وإدراكه وطريقة إستيعابه. كما يتداخل مع علم النفس اللغوي وهو الأساس في إتقان لغة علوم التواصل وعلم نفس النمو وغيرها. وطبعاً إنّ تعلم اللغة والتركيز على اللغة الأم أساسيان لتقوية إنتماء طفلنا لبلده. فلكل بلد لغة، ولكي يشعر الإنسان بالإنتماء على البلد الذي يقطنه، يجب أن يتقن لغته. لذا نجد أن البلدان التي حضنت وما زالت تحضن المهاجرين من مختلف أقطار العالم، تضع إتقان اللغة شرطا أول لاستقبالهم كمواطنين في أراضيها.

اللغة العربية والإنتماء

كم حاولتم التواصل، خلال زيارة سياحية لبلد ما، مع سكانه بلغة غير لغتهم الأم، فرفضوا رفضاً قاطعاً التواصل معكم، بالرغم من انهم فهموا جيداً ما الذي تريدونه؟ اعتقد هذه الحادثة صادفتكم جميعا… وبالرغم من المواقف المضحكة التي يمكن أن تصادفنا عندما نشتري كتابا يساعدنا للتواصل مع الشعب الذي نزور أرضه، ولكن وراء تلك المواقف، تفسير تحليلي عميق. فلا يرضى الشعب الذي ينتمي من صميمه إلى بلده باستعمال لغة أخرى عن لغته الأم… وكأنه يقول لنا: «عندما تريد التواصل معنا، يجب أن تتقن لغتنا الأم لأننا أوفياء لبلدنا ومكوناته ومنها لغته». في المقابل إنّ البلدان التي لا تحترم كثيراً لغتها الام، نجد ان شعبها لا يشعر البتة بالإنتماء إلى وطن. بل يمكنه، وبكل سهولة، إستبدال لغته الأم بلغة أخرى. وهنا تكمن إشكالية الإنتماء إلى الوطن.

لغة الأم في اليوم العالمي للغة العربية

لا يقتصر علم النفس اللغوي لدراسة الإدراك خلال مرحلة التعلم، بل يهتم بكثير من المواضيع التي تساهم وبشكل فعّال لإتقان اللغة وحبها. فالكثير من أساتذة اللغات في المدارس، خاصة اللغة العربية، يجدون الكثير من المشاكل في دفع التلميذ، مهما كان عمره، الى الإهتمام باللغة العربية. فهذه بعض النقاط التي يمكن أن تساعد المربي في المدرسة أو حتى الأهل في البيت لمساعدة المتلقنين:

أولاً، التحدث مع التلامذة أو مع أطفالنا باللغة العربية فقط وليس بلغات أجنية أخرى. فذلك يساعدهم للتعبير عن أنفسهم ويدفعهم للشعور بالإنتماء إلى وطنهم. كما يمكن إستعمال اللعب والتكلم بالعربية لإحياء روح اللغة الأم بداخلهم. ويمكن تشجيع الأطفال على الألعاب الجماعية والتكلم بين بعضهم باللغة العربية.

ثانياً، إدخال «القصة» باللغة العربية، في روتين الطفل اليومي، أي قراءة قصة كل يوم. ويجب أن تجيب القصة عن حاجيات الطفل النفسية والعمرية.

ثالثاً، زيارة المكتبات العامة وإختيار القصص التي تردّ على أسئلة الطفل على أن تكون مكتوبة باللغة الأم.

رابعاً، تشجيع التلميذ في الصف على التكلم بالفصحى وتخصيص حصص مسلية له حول اللغة العربية.

خامساً، توجيه الطفل حول مواضيع لها علاقة باللغة العربية لأن ذلك سيساعده على إستيعاب اللغة أكثر، وبالتالي بالشعور أكثر بالإنتماء.

لقراءة الخبر على موقع الجمهورية اضغط هنا

كل مقال او منشور مهما كان نوعه لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي صاحبه

عن ucip_Admin