أختر اللغة
الرئيسية | لبنانيون من أجل الكيان | تجمّع “لبنانيون من أجل الكيان” يطلق النقاش الوطني حول إستعادة الدستور: لبنان خارج الدستور والحلول داخلية لا خارجية
تجمّع “لبنانيون من أجل الكيان” يطلق النقاش الوطني حول إستعادة الدستور: لبنان خارج الدستور والحلول داخلية لا خارجية

تجمّع “لبنانيون من أجل الكيان” يطلق النقاش الوطني حول إستعادة الدستور: لبنان خارج الدستور والحلول داخلية لا خارجية

بمناسبة إطلاق كتابه “لبنانيون من أجل الكيان: مسيرة إنقاذ وطن”، عقد تجمّع “لبنانيون من أجل الكيان” المنبثق عن إتحاد أورا ورشة عمل في معهد الرسل- جونية بعنوان “إستعادة الدستور: وثيقة الوفاق الوطني- إتفاق الطائف”، أطلق خلالها النقاشات حول مشروعه السياسي،  بحضور سيادة المطران بولس الصياح ممثلا غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة الراعي، الخوري مروان سيدة ممثلا غبطة البطريرك يوسف العبسي، سيادة المطران جورج أسادوريان ممثلا غبطة البطريرك رفائيل بدروس الحادي والعشرين ميناسيان، وشخصيات سياسية بينها الوزير السابق الدكتور خالد قباني، الوزير السابق سليم الصايغ، وممثلين عن أحزاب الكتائب، القوات اللبنانية، التيار الوطني الحر، حزب الله المردة، الوطنيين الأحرار، حركة الإستقلال والطاشناق،  بالإضافة إلى وجوه سياسية ودبلوماسية وعسكرية وثقافية، أكاديمية وإعلامية واجتماعية وحشد من المهتمين.

شارك في ورشة العمل الوزير والنائب السابق بطرس حرب، القاضي في المحكمة السنّية الشيخ محمد النقري، عضو المجلس المذهبي لطائفة الموحّدين الدروز الشيخ سامي عبد الخالق، العميد السابق لكلّيّة الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية الدكتور جورج شرف، أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية الدكتور علي شعيب، بالإضافة إلى أعضاء تجمّع “لبنانيون من أجل الكيان” أستاذ الفلسفة السياسية الخوري الدكتور باسم الراعي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الدكتور إيليا إيليا، والأستاذ المتقاعد من الجامعة اللبنانية الدكتور أنطوان الصيّاح.

لبنان خارج الدستور

استهلّت ورشة العمل بكلمة إفتتاحية لرئيس إتحاد أورا الأب طوني خضره جاء فيها: “وجودنا اليوم معاً أكبر دليل على إرادة العيش معاً على الرغم من بعض الخبرات السلبية والمآسي، نرفعه في وجه جميع المؤامرات التي تحاك للنيل من هذه الإرادة. والمشروع السياسي لتجمع “لبنانيون من أجل الكيان” الذي نلتقي حوله اليوم ولد من رحم هذه الإرادة والتصميم على التمسك بالعيش المشترك والحفاظ على صيغة لبنان التعددية الفريدة…. ولكن الإحتكام إلى الدستور دونه عقبات كثيرة اليوم بدليل الأزمات الخطيرة والمعقّدة التي تمر بها الحياة السياسية في لبنان. العمل السياسي مشلول، ولبنان أصبح خارج الدستور… نعم لبنان اليوم خارج الدستور، واللبنانيون خارج الدولة ضائعون لا يعرفون كيف يعودون إلى كنفها. يشعرون أن دولتهم تخلت عنهم بعد أن أدى هذا الشلل السياسي إلى تعطيل جميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، لتتعطل بعد ذلك كل أشكال الحياة الكريمة للبنانيين.”

وأضاف: “إنّ هدفنا الأساس من مشروع “لبنانيون من أجل الكيان” ومن هذا اللقاء اليوم هو العمل معاً على إنقاذ لبنان بأدوات لبنانية، ان لم يبن الرب البيت فباطلا يتعب البناؤون’، ومشروعنا الذي صنع في لبنان هو خارطة الطريق نحو تحقيق هذا الأمر، والخطوة الأولى على هذه الطريق تتمثل بالإعتراف أوّلاً بأنّ الدستور اللبناني  يعاني من ثغرات استطاع الفساد السياسي على مدى عقود أن ينفذ من خلالها ويعبث بنظام الحكم ويحوّل الدستور إلى وجهة نظر، والسلطة السياسية إلى تسلّط وفساد وإفساد، حتى تفلّت الوضع ووصلنا إلى ما وصلنا إليه. وهنا نسأل: كيف يعقل مثلاً أن يكون تفسير الدستور هو من صلاحيات مجلس النواب وليس المجلس الدستوري؟ أليس هذا سبباً رئيسيا لخروج لبنان عن دستوره؟ كما نسأل أيضاً: لماذا لم يتم استكمال تطبيق الدستور؟ لماذا لم تطبق اللامركزية المنصوص عنها في الوثيقة الوطنية؟ لماذا لم يتمّ إنشاء مجلس شيوخ؟ والأسئلة تطول. فهل كتب علينا كلبنانيين ألاّ نعيش في دولة مكتملة العناصر والمؤسسات؟ هل كتب علينا كلبنانيين أن تكون الحلول لمعضلاتنا معلبة ومستوردة من الخارج؟ ألا نستحق ونحن نحمل ارث 6 آلاف سنة من أرقى الحضارات البشرية ان نعيش بامان وتكون حياتنا على قدرطموحنا الى ارقى قيم الحب والعطاء؟؟”

وختم الأب خضره: “طبعا لا نريد الا ان نبني بسواعدنا لبناننا الجديد، ونحن هنا لنقول أن الحلول الحقيقية لن تأتي من الخارج، بل من الداخل اللبناني وبمشروع لبناني حتى لا نخسر انفسنا ولبنان المختبر الانساني بامتياز. لذلك أيها الأحباء، لقد آن الأوان أن نسمّي الأشياء بأسمائها ونعترف بأن الحوار هو الباب الوحيد للخروج من هذا التخبط الدستوري والسياسي، وهذا ما ينادي به مشروع لبنانيون من أجل الكيان. فتعالوا ننطلق منه للإجابة على سؤال أساسي وجودي وهو: أيّ لبنان نريد؟ تعالوا نوقف حفلات التكاذب على بعضنا البعض ونواجه تحدياتنا بانفسنا.”

“إلتزام واحد هو لبنان”

الجلسة الأولى لورشة العمل حملت عنوان: “تجمّع لبنانيون من أجل الكيان- وثيقة وطنية، مشروع سياسي ونداء”، استهلها الخوري الدكتور باسم الراعي بكلمة تضمّنت سرداً تاريخياً لمسيرة التجمع، جاء فيها: “مجموعة “لبنانيون من أجل الكيان”، اجتمع أعضاؤها من دون موعد مسبق ولا معرفة مسبقة، سنة 2020 بعد انطلاقة التحركات الشعبية وبداية الانحدار الفعلي للبنان إلى الجحيم الذي نقبع فيه اليوم. لم تكن هذه المجموعة تربطها أي صلات سابقة أو مخططات أو أجندات أو اصطفافات، كل هذا لم يكون يومها، ولا هو موجود الآن، ولن يكون في المستقبل. إنها مجموعة لا طموح سياسي عندها، بل من المؤكد أن عندها التزام سياسي، بالمعنى الأصيل للسياسة كاهتمام بشؤون المدينة وبالخير العام. إذًا هذه جماعة تنشد الإلتزام، وعندها التزام واحد هو لبنان… فكان تناد قام به الأب طوني خضره في إطار مؤسسة لابورا، جمع مجموعة كبيرة في محطة أولى في حزيران 2020 ضمّت أسماء من كل الميادين. بعد ذلك تشكلّت نواة متابعة، ما لبثت أن صارت نواة تأسيسية عقدت العزم على الخروج برؤية تساعد في حل الأزمة بعيدًا عن الجدل السياسي القائم، فكانت الوثيقة الوطنية في كانون الأول 2021… بعد الانتخابات النيابية الأخيرة ومع رؤية المشهد السياسي يسير نحو مزيد من الانقسام والتشرذم والتعبئة، قرّرت المجموعة أن تطلق نداءً تأسيسيًا لمؤتمر مسيحي دائم موجه إلى جميع اللبنانيين لنعمل معًا خارج الاصطفافات المصالحية لإنقاذ لبنان، فوضعت النداء تحت عنوان: “أنظروا الواقع وتبصّروا فيه”…شعرنا أن هناك طلاق بين العمل السياسي والواقع وبين الشعب وحاله. وفي الوقت عينه سيادة خطاب سياسي كما لو أن لبنان لبنانات، في حين أن لبنان لا يزال لبنان الواحد. فسألت المجموعة ذاتها هل نحن أمام خداع تاريخي حقيقة أم هو خداع مصلحي، تتبعه القوى السياسية لتستفيد من الأزمة للتقدم أكثر على خط موزاين القوى، جاعلة من لبنان سلعة تفاوض ومقامرة. هل بلغنا هذا القدر من البغاء السياسي الذي يستبيح كل شيء: التاريخ والجغرافيا والدولة والمؤسسات والاقتصاد والشعب والمصالح المشتركة والخير العام لمجرد الوصول إلى زيادة في النفوذ؟ ومن أجل من هذا النفوذ؟ البعض يقول من أجل الحفاظ على حقوق أو تحصيل حقوق؟ حقوق من ومن أجل من؟ يقال الحقوق الطائفية أو الحقوق الوطنية. وهل من عاقل سأل القوى السياسية ما الذي قدّمته للطوائف حقًا؟ وما قدّمته للوطن؟ أليست الطوائف عنوانًا لمزيد من النفوذ الذاتي؟  وأليست المصالح الوطنية عنوانًا لمزيد من الاستفادة الذاتية؟”. وتابع الراعي: ” وضعت المجموعة في الوثيقة الوطنية ومن ثم في المشروع السياسي اتجاهين اثنين الأول، التمسك بالدستور الذي أتى بعد اتفاق الطائف مع بعض اللإيضاحات أو المراجعات للتخفيف من استعمال الدستور في المنازلات السياسية، والثاني إن العمل السياسي عندنا جعل المواطن اللبناني ملحقًا لا فاعلاً، إلا عند الحاجة له في الانتخابات… لذا وضعت المجموعة نصب عينيها ومن ضمن الطائف دائمًا موضوعي اللامركزية  الإنمائيّة ومجلس الشيوخ والدولة المدنية، لارتباط الثلاثة بنظرة سياسية تقول إن التفاعل الحقيقي يكون على مستوى المسؤولية المشتركة في إدارة الشؤون المشتركة في المناطق لخلق وحدة فعالة ومسؤولة” وأضاف: “وجدت المجموعة أن موضوع الحياد، هو هذا التقليد الذي رسمه لبنان لذاته يوم كان الشعور بالسيادة في أوجّه مع حكومة الاستقلال الأولى، وظل لبنان حريصًا عليه في سياسته الخارجية، رغم تورط الأفرقاء وتوريطهم لبنان في صراعات لا طائل له فيها. لا بد من نبش هذا التقليد والعمل عليه للخروج، لا باتفاق كما نسمع، لأن لا اتفاق في معرض النصوص القانونية، بل لتفسيره ووضع السبل الآيلة ليصير، بعدما كان نصًا قانونيًا في البيانات الحكومية، مبدأً دستوريًا، مع كل ما يتطلب ذلك ليكون حيادًا راسخًا فيجعل سيادة الدولة منيعة.”

ثم كانت مداخلة للشيخ محمد النقري عرض فيها مسرداً تاريخيا لموضوع لبنان الكيان، ليعطي بعده ملاحظاته حول الكتاب موضوع البحث، فقال:” نهائية لبنان وصيغة عيشه المشترك كما أكده اتفاق الطائف هو المحور الأساسي لهذا الكتاب لذلك فلا يسعنا إلا أن نثني عليه ونؤيده بما تضمنه من أفكار أجمعت عليها الغالبية العظمى من اللبنانيين، ومن أهدافها التي حققها الطائف إنهاء الحرب اللبنانية. التجارب السابقة السلبية التي مررنا بها منذ إقرار هذا الاتفاق أثبتت حاجتنا الى توضيحه بما لا يخلّ من مضامينه الأساسية، وهذا ما كتبته أقلام مؤلفيه. إن كان لي تعليق بسيط على ما تضمنه الكتاب من مقترحات فهو وفق هذه النقاط :

أولاً في مقدمة الدستور : الفقرة م : لبنان دولة مدنية، بتأديتها فروض الإجلال لله تبقى محايدة تجاه الأديان والمعتقدات وتحتضن التنوع الديني والطائفي. لعله من المفيد أن نوضح كلمة الدولة المدنية أو نستعيض عنها وهو الأفضل بالكلمة التي اختارها أدمون رباط عند حديثه على النظام اللبناني قائلا ينتمي الى الأنظمة التعددية الطائفية  multiconfessionnalisme، وهو بهذه الصفة يعتبر فريداً من نوعه “sui generis”

هذا الإقتراح سيكون متناسقاً أكثر من وصف  لبنان بدولة مدنية…

ثانياً : في تعديل المادة 49 من الدستور، فإني أقترح إضافة بند ضمن الشروط المذكورة لرئيس الجمهورية : الا يكون منتمياً الى أي حزب سياسي، وأن يتنازل عن هذا الانتماء حال تقدمه الى الانتخابات. مع أني لا أرى من المفيد اشتراط تنازله عن الجنسية الأجنبية عند ترشحه، بل قد يكون من الأمور الأساسية الأكثر مناسبة اشتراط أن تكون جنسية رئيس الجمهورية الأم هي الجنسية اللبنانية وليست المكتسبة ولو بعد مرور عشر سنوات. كما أقترح في الخانة “ز” بأن يشترك رئيس مجلس الوزراء في التوقيع على قرار بحل مجلس النواب في حال لم تتم عملية انتخاب رئيس للجمهورية. فحل مجلس النواب هو من الصلاحيات الخطيرة التي تستدعي عدم وضعها بيد واحدة.

ثالثاُ : المادة 64 لماذا لا يعطى للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة في حال عدم توصله الى تشكيلها بضغط أيا كان مصدره أن يتقدم بأسماء أعضاء الحكومة الى مجلس النواب لنيل الثقة تحت طائلة اعتبارها مستقيلة.”

أمّا عضو المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي عبد الخالق فقال: ” مشكلة لبنان هي في فشل السلطة الحاكمة بادارة الدولة ادارة رشيدة بعيدة عن المصالح الخاصة والهيمنة والفئوية والفساد. ومن الضروري التفكير في نظرة مستقبلية لتطوير اي امكانية لقيام دولة عصرية جامعة ومناقشة الخطوات العملية التي تطرق اليها اتفاق الطائف بروح وطنية جامعة ضمن المؤسسات الدستورية.” وأضاف: “املنا قيام دولة عصرية تتمتع بفصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وان يكوِن هدفها الاساسي حماية ورعاية مصالح شعبها بالعيش الكريم للمواطنين المتساوين في الحقوق والواجبات لتحقيق العدالة الاجتماعية.” ودعا الشيخ عبد الخالق إلى “تضافر وتوحيد الجهود لوضع رؤية استراتيجية لتركيز روح المواطنة واستعادة الدولة من خاطفيها.”

 ومن جهته، الدكتور علي شعيب قال في كلمته: “إنّ استعادة الدستور مرتبط بالتوصل إلى مخرج للنقاش الملازم لتاريخ لبنان المعاصر وهو التوفيق أو الوصل بين نظرتين أو قطبين: هم المحافظة على حقوق الطائفة دينيا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا، وهم حماية حقوق المواطن، أي حقوق المواطنية على مستويات حرية الراي والتعبير والتملك والعمل والوظيفة للمواطن الفرد. إن هذا النهج التوفيقي أصبح حالا من أحوال الثقافة المتجاذبة بين حقين: حقوق الطائفة الذي هو في الأساس جزء من ثقافة ما قبل الدولة الحديثة، وحق المواطن الذي استجد مع نشوء الدولة الوطنية التي منحت الجنسية لمستحقها مواطنا ذا حقوق وواجبات. في المبدأ لا ريب في أن يكون المنهج في الأساس توافقيا على مستوى النوايا والأهداف، إلا أنه تحول إلى إشكالية عندما تقاطعت الحقوق المدنية والسياسية لدى المواطن ولدى الطائفة في الوقت نفسه، مما أثار عددا من المسائل الإشكالية:

1-تجاذب ثقافي على الصعيد التربوي انعكس سلبا على التنشئة الوطنية.

2-زيادة مساحة الأعراف على حساب تقلص دور الدستور.

3-الصراع على تحديد الدوائر الإنتخابية بين الهم الطائفي والهم الوطني.

4-تغيب كامل للإصلاح السياسي.”

وختم الدكتور شعيب: “إن كل تقدم باتجاه تطبيق الدستور اللبناني يمكن أن يشكل ثغرة في جدار النظام السياسي الطائفي والثقافة السياسية التي تحميه وتفتح على أفق من الثقافة المدنية ويصبح الهم الطائفي في خدمة تعزيز المواطنية اللبنانية.”

إصلاحات دستورية أم تعديل للدستور؟ 

 الجلسة الثانية من ورشة العمل حملت عنوان: “الإصلاحات الدستورية”، استهلها الدكتور إيليا إيليا بكلمة جاء فيها: “في الفترة الأخيرة كنّا نرى القابضين على الحكم يغلّبون البعد الطوائفي في المشاركة على البعد الوطني، ويستغلون هذه الاشكالات كما استغلوا الثغرات في الدستور، فأمعنوا في تشويه المفاهيم التي بني عليها النظام، وفسّروا نصوصاً دستورية من خلفيات مصلحية وفئوية، ما أدى الى تعثر أداء المؤسسات الدستورية وشلّها أحيانا، وتباطؤ في تشكيل الحكومات وشغور في سدّة رئاسة الجمهورية، وتماد في سوء ممارسة السلطة ترافق وهدر المال العام ونهب موارد الدولة وترهل اداراتها  وتحويلها الى اقطاعات يعشعش فيها الفساد الذي تجذر وتمأسس فاستوعب مؤسسات الدولة واخرجها عن المسار الذي رسمه الدستور. بصراحة عندما يتوافقون يوزعون الدولة حصصاً في ما بينهم، وعندما يختلفون تشل المؤسسات الدستورية ومعها مختلف مرافق الدولة، وفي الحالتين الضحية واحدة المصلحة الوطنية العليا ومصالح اللبنانيين.” وأضاف: ” انطلاقاً من ذلك هناك حاجة إلى إعادة تصويب ما يجب تصويبه من التباس في الدستور من خلال اصلاحات تدحض الغموض في النص من دون المس بمبدأ التوافق العقد الذي بني عليه الدستور، لذلك  جئنا باقتراح الاصلاحات الاتية

أولاً: تحديد المفاهيم الأساسيّة التي بني عليها نظامنا الدستوري ووضعها في مقدمة الدستور وهي :

ميثاق العيش المشترك، المشاركة في السلطة، الديمقراطية الميثاقية – المسماة توافقية، الدولة المدنية، اللامركزية ، لبنان دولة محايدة.

ثانياً: تصويب الغموض والالتباس في مواد بعض الابواب والفصول

وتحديداً في المواد 3-19-20-28-44-49-53-55-56-58-62-64-65-70-71-73-67-77-95 من الدستور.”

 “ثم كانت مداخلة للوزير والنائب السابق بطرس حرب أشار فيها الى الظروف التي صيغ فيها اتفاق الطائف مؤكدا “انه ليس الحل الامثل ولكنه كان الصيغة الممكنة لإخراج  لبنان من الحرب والإقتتال.” ثم عرض الوزير حرب لأهم النقاط الواجب تعديلها في الدستور  وفي وجوب تنفيذ ما اتفق عليه بدءا من موضوع الغاء الطائفية السياسية، وفي ضرورة بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية وحل جميع الميليشيات. وقال الوزير حرب إنه “لن تقوم الدولة اللبنانية في ظل وجودالسلاح.” وتحدث الوزير حرب عن البنود المتعلقة بالسلطة القضائية وموضوع رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب وغيرها من البنود مع الإصلاحات المطروحة. وختم الوزير حرب بالإشارة ألى ان هذه التعديلات ضرورية للحفاظ على الدولة والعيش المشترك..

اللامركزية الإنمائية

“اللامركزية الإنمائية” كان عنوان الجلسة الثالثة والأخيرة من ورشة العمل، قدّم خلالها الدكتور أنطوان الصيّاح عرضا للموضوع كما جاء في الكتاب مبتدئا بعرض الأسباب الدافعة إلى تطبيق اللامركزية وهي”أن اللامركزية الإدارية وردت في إتفاق الطائف، ولم تطبّق، ولأن الدولة اللبنانية منذ عهد الاستقلال اخفقت في تعميم الإنماء على كل المناطق اللبنانية. كما أنّ اللامركزية الإنمائية تحمِّل سكان المناطق مسؤوليّة إنماء مناطقهم انطلاقا من مواردها وترسخ المواطنين في قراهم إذ تؤمّن لهم فرص عمل في مناطقهم، بالإضافة إلى أن اللامركزية الإنمائية تجعل محاسبة المسؤولين المناطقيين أكثر منالا لقربهم من منتخبيهم.” وتابع الصياح: ” اللامركزية الإنمائية لا تعني اللاحصرية كما انها ليست فدرالية. اللامركزية الإنمائية تفترض دولة مركزية قويّة يكون من صلاحياتها: الأمن القومي، القضاء، العلاقات الخارجيّة، المرافق العامّة في كل المناطق اللبنانية.” ثم عرض الدكتور الصياح ملامح اللامركزية الإنمائية كما ورد في مشروع تجمع “لبنانيون من أجل الكيان” تضمن التوزيع الإداري والإقتراع، والصلاحيات وغيرها.

أما العميد جورج شرف فقدّم مداخلة تضمّنت عنوانين اساسيين:السياق المنهجي- الفكري- المؤسساتي الذي اوصل إلى اعتماد اللامركزية بوجهيها الإنمائي والسياسي الهوياتي كنموذج حل لأزمة الدولة القومية المركزية للحؤول دون انهيارها، أو حتى تفجيرها. أما العنوان الثاني فتناول مقاربة اللامركزية الإنمائية ليس من منظور إيديولوجي- سياسي، بل في نظرة إقتصادية- براغماتية تظهر الحاجة والضرورة لها راهنا كمسار إنمائي تطويري للمجتمعات ورافد للدولة في هذا السياق. وتحت العنوان عينه، تحدث العميد شرف عن المنطلقات المؤسسة للامركزية منهجيا وقانونيا وديموغرافيا، والمرتكزات العملانية، والأطر التنظيمية، بالإضافة إلى علاقة السلطة المحلية بالمركز. وخلص العميد شرف إلى أنّ “اللامركزية لم تعد راهنا أمرا تجميليا شكليا، بل ضرورة متممة لأسس الدولة، وهدفية تتحكم بالسياسات المحلية والوطنية.”

التوصيات

وفي الختام صدر عن ورشة العمل التوصيات التالية:

1- العودة الى تطبيق الدستور تطبيقا يلتزم روحيته القائمة على العيش المشترك.

2- تنفيذ البنود الاصلاحية الواردة فيه، وأولها اللامركزية الادارية الانمائية.

3- تنفيذ الإصلاحات الدستورية التي تؤدي الى انتظام ممارسة السلطة في لبنان.

4- الدعوة الى حوار وطني جامع حول كل الاصلاحات السياسية الملحة، للوصول الى فك أسر النظام السياسي اللبناني والإنطلاق في بناء دولة المواطنة القائمة على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين.

عن ucip_Admin