شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | صوتُ المطبعة
صوتُ المطبعة

صوتُ المطبعة

كتب الوزير السابق جوزف الهاشم في موقع الجمهورية بتاريخ 25 شباط 2022

“السلطة الرابعة هي المسؤولة عن الحرية وحقوق الإنسان أمام الأمّـة” ميرابو – “خطيب الثورة الفرنسية”

لـم يبـقَ… إلاّ هيَ، زميلاتُها السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية تتساقط بين التفكُّك والتضارُبِ والتقلُّص، وحدَها السلطةُ الرابعة لا تـزال قادرةً على أنْ تقرع صـوتَ المطبعة كناقوسِ خطـر.

الشاعرُ والناقدُ الفرنسي «فرنسوا دوماليرب – Mallerbe»، أعلنَ إبّـان الثورة الفرنسية «أَنّ الصحافة هي التي تستطيع أن تحـوّل العصر المظلم إلى عصرٍ ساطع يتمكّنُ فيه كلُّ مواطن أنْ يخاطب الأمّـة بصوتِ المطبعة…»


في زمـن جَـوْرِ الأباطرة واستبداد السلاطين والملوك، كان صـوتُ المطبعة يزعزع أركان الدواوين والقصور… «عصرُ التنوير» في فرنسا كان هو الثورة، وكان القلم هو المِعْـوَلُ الذي يـدكُّ سجنَ الباستيل.


يقول الملك الفرنسي لويس الثامن عشر: إنّ مقالات «شاتوبريان» كانت بمثابة جيش من آلاف الجنود… وحين وضـع نابوليون الصحافة تحت رحمة الشرطة بدأت أمبراطورية نابوليون بالإنهيار.نحن اليوم شعبٌ يعيش زمن الثورة الفرنسية، ولا ثورة عندنا ولا مقصلة، صـوتُ الشعب مخنوقٌ بكواتم الصوت، والثورة تعرّضت هي للمقصلة بـدَل الملوك، ولـم يبـقَ إلاّ القلمُ شفيع مآسي الأمـم… إنـّه السيف القاطع بالحـقّ حيث يكون هناك حـقّ.

السلطة الرابعة عندنا ووسائل الإعلام ازدهرَتْ تفوّقاً، أكَّـدتْ حضوراً راجحاً يُعوَّلُ عليه في إحداثِ الإنقلاب الإيجابي، وقـدْ انتعشَتْ بغالبيةٍ نسائية أثبتـتْ جدارةً متميّـزة في الإعلام اللبناني والفضائيات العربيات، ولـم يخطئ ظَـنّي بـما توقّعتُ لهـا.

يوم كنتُ مديراً عاماً لإذاعة «صـوت لبنان»، وبالرغم من سيطرة ذكورية الحرب، شئتُ أنْ أُطلق دور المرأة الإعلامي، فعيّنتُ ماغي فرح مديرةً للأخبار، مع أنني كنتُ أُشرفُ شخصياً على النشرات الإخبارية وهي كانت منشغلةً ببرنامج الحـظّ والأبراج.

وفيما كانت الأرض صاخبةً بالإشتباكات الدمويّة، وضعتُ مع المديرَيْـنِ الطيِّبي الـذِكْر: إبراهيم الخوري وإيلي صليبي شبكةَ برامج بعنوان: «شبكة المتحاورين على الهواء فوق المتشابكين على الأرض»… بهدفِ تشكيل ميليشيا حوارية متنوّرة فوق الميليشيات النارّيـة المتهوّرة.


تلك الميليشيات نفسها لا نـزال نعيش تحت ظلالها في إطار سلطات الدولة والمؤسسات والأحزاب، ومن العبَثِ أنْ يكون الجـلاّد عـوناً لنا ليُنقذنا من نفسه، ويُنقـذَ نفسَهُ من نفسهِ.

يبقى الرهانُ على السلطة الرابعة ووسائل الإعلام لتُعلن ثـورةً من نـوعٍ آخـر، وتُطـلق حـزباً مـن نـوع آخر يمثّل قمّـة الهرم البشري: مِنَ الإعلاميين والكتّاب والمثقفـين والأدباء والعلماء والشعراء وأهل المسرح والفـنّ، ليشكّلوا هـمْ رجال الشعب في بلـدٍ إنقرض فيـه حكم الرجال وتعرّض فيه الشعب لخطر الزوال، «والأقدر على المعرفة هو الأقدر على الحكم»… هكذا يقول أفلاطون.

هل تبادر وسائل الإعلام وتتولّى الدعوة إلى تشكيل جبهـةٍ فكرية متّحدة لقيادة الثورة القلَميّة بميثاق الشرف الوطني…؟


وهل نصدّق أنّ العقل اللبناني قد بُلـيَ بالكسوف وأنّ «بنك الأدمغة» اللبنانية المتفوّقة في الوطن وبلاد الإنتشار قد أعلنَ إفلاسَـهُ..؟

ألا يستحقّ لبنان أنْ ينتفض فيه أهـلُ القلم لإنقاذه من العدَم…؟


والقلم حاشا أن يصبح مـادةَ استعطافٍ ومتاجرةٍ واسترضاءٍ وتـزلّفٍ وارتزاق ورهينة في سفارة.

إنّـه صـوت خليل مطران ينادي الفكر اللبناني بصوت المطبعة:
فيمَ احتباسُكَ للقلَمْ الأرضُ قَـدْ خُضِبَتْ بـدَمْ
اليومَ يـومُ القسْطِ قَـدْ قـامَ الأُلـى ظلموا فقُـمْ

عن ucip_Admin