شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | عندما ينضج الحبّ ، يترك الرجل أباه وأمّه .. ما معنى هذا ” الترك ” ؟ لاهوت الحبّ والزواج (6)
عندما ينضج الحبّ ، يترك الرجل أباه وأمّه .. ما معنى هذا ” الترك ” ؟ لاهوت الحبّ والزواج (6)
الزواج

عندما ينضج الحبّ ، يترك الرجل أباه وأمّه .. ما معنى هذا ” الترك ” ؟ لاهوت الحبّ والزواج (6)

يقول الكاتب اليهويّ ، أنّ للحب قدرة على تحويل الطفل إلى رجل بالغ . فالحب يفتح أفقا للأمان الذي يحبّه الطفل لدى ذويه . المُحبّ يكتشف الحريّة الداخليّة بتطوّعه داخل علاقة جديدة . لذلك ، يمكننا أن نقول : أنّ الحبّ الزوجيّ نفسه هو إمتداد لبعض عناصر طفولتنا ؛ نثق بالحبيب بشكل يجعلنا قادرين ، من أجله ، أن نترك الأب والأمّ ونتعلّق به (تك 2 : 24 ) . لكن هذا النضوج ليس بالأمر السهل ، وهذا ما سنوضّحه .

الحبّ ، ليس أعمى ، كما يقول الكثيرون (إنّ الحبّ أعمى ) … بل العكس هو الصحيح ، أنا هو ” الأعمى ” ، والحبّ هو من يقومُ بوضعي في مكاني الصحيح ، ويسيّرني من خلال ” بوصلة ” ما إلى الإنفتاح وبذل الذات . وهذا الأمر ، طبعًا ، وكما سنرى أيضا ، مغايرًا لما نسمّيه (الإعجاب أو الغرام المرضيّان ) اللذان يؤولان بالشخص إلى عدم علاقة حقيقيّة وإنفتاح ، بل إلى ذوبان وهيام وضياع ووجع الرأس ، وقد يؤدّي إلى مشاكل أيضا .

الحبّ الناضج ، هو الحبّ المبنيّ ، ليس على رمل الغرام والهيام ، بل على صخر المحبّة الإلهيّة . إنها أساسُ كلّ حبّ ، كما رأينا في الحلقات الآولى : الرجل – الله – المرأة . فإنّ الله هو الأساس لثبات ميزان علاقتنا .

لكن ، كيفَ يمكنُ أن يقومَ هذا الرجل ، أو هذه المرأة ، في أن ينضجا في الحبّ ؛ بحيث لا يكونان (كلاهما ) صورة لذويهما . بمعنى : إنّ الحبّ بين الرجل والمرأة لا بدّ وأن يوقض علاقتهما الطفوليّة مع ذويهما (الأبوان ) . لكن كي يتحقّق النجاح في ” ترك ” الأب والأمّ ، لا يكفي مجرّد : ” أحبّها يا بابا وأريدها ، أو أحبّه يا ماما وأريده وإن لم أخذه سأنتحر … إلخ (للفكاهة) . المشكلة هنا : عدم إرتكاز على مبدأ حبّ حقيقيّ واضح وشفّاف ، بل عواطف وغرام مرضيّان . لا يكفي مجرّد الإنفصال عنهما لتأسيس عائلة خاصّة.

” الترك ” هنا يعني التخلّص من التبعيّة الطفوليّة والحاجة إلى الطمأنينة التي يوفّرها الأهل فقط . سرّ الحبّ يكمن في التخلّي عن تدخّل ذلك ” الثالث ” – الأهل ، الذي كان يوفّر كل اللازم . والسؤال هنا : ما الذي يجعل هذا الترك للأهل ممكنــــًا ؟ . من الناحية النفسيّة ، تبدو صورة الأب والأمّ صورة نموذجيّة للرغبة التي تجعلني مقبولا ومستقبلا بصورة تامّة . ومن له رصيد كاف من القبول والإستقبال ليس مستعدّا أن يتخلّى عنه . لكن هذه الحاجة للراحة التامّة ” المطلقة ” لا تجدُ أبدًا جوابا كاملا على هذه الارض ، وقد يميلُ البعض إلى التوقّف عن طلبها من هذا العالم وتحويلها إلى العالم الآخر ، المطلق . أي أنّ الإيمان بالله هو ، في الحقيقة ، التوقّف عن طلب الإطمئنان من البشر حتى إن كانوا أعزّاء علينا ، وتحويل مسار الحبّ ، في هذه الحالة ، إلى وجهة أخرى .

بالإيمان ، يتحوّل نموذج الأب والأم ، حالته المطلقة فيصير الله هو ” النموذج “.

” لا تدعوا لكم أبا على الأرض … ” ، ” أحبب الربّ إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ قوّتك ، ومن كلّ نفسك ” . أي أن يصيرَ لنا نوعان من الحبّ : حبّ إلهيّ وحبّ بشريّ . هذا التحوّل هو الذي سيضمن ديمومة الحبّ .

إذن ، هكذا سنفهم قصد الكاتب اليهويّ الذي يقول أنّ الإيمان بالله هو طريق النضوج الحقيقيّ الذي يجعل الإنسان قادرًا أن يترك أباه وأمّه ، فيتعلّم نسج علاقة دائميّة بين الرجل والمرأة . وهنا أيضا ، نفهم ، لماذا أسّس يسوع الزواج على الله (مرقس 10 : 11 ) ، قال : إنّ الإيمان وحده يعطي الإحساس بالإطمئنان ، هذا الإحساس الذي يربط شخصين إلى الأبد في هذا العالم .

يتبع

بقلم عدي تزما / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).