شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | ندوة في المركز الكاثوليكي للاعلام عن التقوى الشعبية في حياة الكنيسة
ندوة في المركز الكاثوليكي للاعلام عن التقوى الشعبية في حياة الكنيسة
ندوة في المركز الكاثوليكي للاعلام عن التقوى الشعبية في حياة الكنيسة

ندوة في المركز الكاثوليكي للاعلام عن التقوى الشعبية في حياة الكنيسة

عقدت قبل ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للاعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حول “التقوى الشعبية في حياة الكنيسة”، شارك فيها رئيس أساقفة أبرشية صور للموارنة سيادة المطران شكر الله نبيل الحاج، مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبده أبو كسم، المرشد العام لرابطة الأخويات في لبنان الأب سمير بشاره اليسوعي، من راهبات الوردية غادة نعمه، رئيس رابطة الأخويات في لبنان غطاس نخله، وحضور أعضاء من رابطة الأخويات والإعلاميين والمهتمين.

أبو كسم
بداية رحب الخوري عبده أبو كسم بالحضور بإسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر وقال: “اليوم إخترنا في ندوتنا التحدث عن التقوى الشعبية في العبادات تكريما لأمنا مريم العذراء والقديسين، وأمام بعض الفوضى التي تحصل في هذا الموضوع، إرتأينا توجيه الرأي العام حول كيفية التعاطي والصلاة وتقديم العبادة لأمنا مريم وللقديسين، وأمام الفوضى بإنشاء المزارات التي تقام أيضا وأمامها صندوق ولا نعلم لمن تذهب هذه الأموال، فلانشاء هذه المازارات أصول، فيجب أولا أخذ الأذن من الأسقف المحلي، وثانيا معرفة النية الموضوعة لإنشاء هذا المزار والأبعاد التي تحيط به.”

أضاف: “الرحلات التي تقام كسبا للمال لزيارة المزارات أحيانا كثيرة تستغل تحت شعار زيارة حج، نقوم بالزيارة ونقضي الوقت بالأكل والشرب والتسلية وما شابه. فزيارات الأماكن المقدسة هي زيارات حج وتأمل وتوبة ونوع من الرجوع إلى الذات ليكون حج مبارك. ورحلات الحج التي تقام إلى لورد ومديغوريه يجب معرفة الأشخاص القيمين عليها وما هدفها.”

وتابع: “نرى في بعض المزارات وكأننا في سهرة، نرى بعض الأشخاص بلباس غير محتشم، علينا أن يكون لباسنا محتشم، ولذلك نرى أمام هذه المزارات مشالح لوضعها علينا.”

وأردف “موضوع آخر في التقوى الشعبية هو صلاتنا برعايانا وكنائسنا، فنرى قلة حشمة بالدخول إلى الكنيسة بالجلوس في بيت الله، فبيت الله هو للصلاة والتأمل وللرجوع للذات والتفكير كيف يخلص الإنسان نفسه والإشتراك بالذبيحة الإلهية وليس عرضا لملابسنا وفخفخاتنا.”

وختم أبو كسم “نرى في أعراسنا في أيام كثيرة قلة حشمة، ويجب أن نعلم أن كل عمل في الكنيسة يجب أن يكون فيه تقوى وصلاة، نفتقد صورة الإنسان المسيحي المفترض على وجهه صورة يسوع وصورة العذراء، وعلى جسمه نوع من الحشمة ونوع من الوقار للدخول إلى الأماكن المقدسة.”

نخلة
بدوره القى غطاس نخلة كلمة حول دور العلمانيين المكرسين في المجتمع الكنسي والمدني وقال: “العلمانيون المكرسون هي جماعة تهدف الى إعطاء ثقافة مسيحية عميقة لأطفال وشبان وشابات، نساء ورجال إلتزموا خدمة الكنيسة والعالم في كل مرافق الحياة العائلية والمهنية والمدنية والكنسية وسواها، من أجل الوصول الى إعداد أعضائها إعدادا ملائما لعمل رسولي مثمر، والتعمق في إيمانهم المسيحي ليعيشوه باقتناع وينشروه بإندفاع في حياتهم اليومية، ودعوتهم الى القداسة، وهذا يتجلى من خلال ثمار النعمة التي يحدثها الروح فينا وأن تكون شهادتنا للشراكة الكنسية مؤسسة على يقين راسخ وقوي ومقترنة بعلاقة بنوية بأمنا العذراء مريم وبأسقف روما وهذه الشهادة هي للتبشير بالانجيل وتقديس البشر وتأمين التثقيف المسيحي للضمائر وتأهيلها.”

أضاف: “لنكون حاضرين في المجتمع المدني وفي خدمة الكرامة الانسانية وفي كلِّ القطاعات النقابية والاعلامية والجامعية ونشهد للمسيح في قلب العالم من أجل العدالة والحرية والمساواة والسلام. وحياتنا الروحية هي حياة الله فينا، الحياة الجديدة التي نلناها بالعماد المقدس وبها حظينا بالتبني لله الآب وأصبحنا ورثة للمسيح.”

وتابع: “ترتكز حياتنا الروحية على فعل الروح الذي يشفع لنا بأنات لا توصف ويشركنا في حياة الثالوث ويحولنا الى خلق جديد. وتتغدى حياتنا الروحية هذه، بالايمان العامل بالمحبة والاصغاء الى كلام الله، وبأعمال التقوى والصلاة الدائمة واللقاء مع المسيح فينا وفي أسرار الكنيسة وخاصة التوبة والافخارستيا. والتنشئة الروحية تمكننا من التضحية وحمل الصليب في سبيل الرسالة التي من أجلها نذرنا أنفسنا فنحمل بعضنا أثقال بعض ونتخلق بأخلاق المسيح، غير ناظرين الى منفعتنا الخاصة بل الى منفعة الغير.”

وأردف: “العلمانيون المكرسون يتبادلون الثقة والصراحة والصدق في المعاملة ويتقنون لغة الوداعة والتهذيب ويمارسون الصفح الأخوي ويبادرون الى الاعتذار عند الخطأ ولو لم يكن مقصودا، ويقاومون ميول الأنانية والحسد وحب التسلط والفوقية والهيمنة. ويعملون على تقديس نفوسهم ليكونوا أهلا للقيام بالخدمة لبناء جسد المسيح، وخدمتنا هذه تطال المريض واليتيم والعجوز والسجين والجائع والعطشان والبائس واليائس والمنبوذ والفقير، فالاعتناء والاهتمام بهؤلاء أمر واجب وضروري وملح.”

وختم: “ان جماعة العلمانيين المكرسين هي التربة الصالحة والخصبة، هي الملح الجيد هي سرج العذارى الحكيمات المملؤة زيتا، هي الأشجار المثمرة الذي يقطف من ثمارها كل الناس. هي الينبوع الفياض الذي لا يجف فيستقي منه كل عطشان، تلك هي الجماعة المكرسة الناجحة والمستدامة. وأولى إهتماماتنا هي العناية بالدعوات الكهنوتية والرهبانية.”

نعمه
من جهتها داخلت غادة نعمه حول مريم العذراء ومسبحة الوردية في التقوى الشعبية فقالت: “منذ فجر المسيحية إلى اليوم، جيلا بعد جيل، كل الأجيال تطوب الممتلئة نعمة، مريم العذراء والدة الإله وأم الكنيسة. لا يمكن لأحد أن ينكر المكانة الرفيعة التي تخصها بها الكنيسة، أو المحبة والإكرام الفائقين لها في قلوب المؤمنين.”

أضافت: “نتوقف هنا قليلا للتفكير معا بالصلاة الأحب إلى قلب مريم، والصلاة التي متى تذكر مريم في التقوى الشعبية لا بد أن تطل معها، سبحتها، مسبحة الوردية، وهي صلاة تطلبها مريم العذراء في كل ظهوراتها عبر التاريخ. صلاة إرتبطت بروحانية عدد لا يحصى من القديسين وحتى بعض معلمي الكنيسة. وكما نعلم صلاة الوردية هي صلاة تأملية بإمتياز، وهي صلاة كريستولوجية تتمحور حول حياة يسوع المسيح في أفراحه وبشارته وأحزانه وأمجاده. إذن لنتمكن من الوصول إلى هذا الكنز الروحي وقطف ثماره المرجوة في حياتنا، لا بد لنا أن نغوص من خلالها بالتأمل بحياة يسوع المسيح مع أمه مريم، هي التي تأملتها قبلنا. والتأمل كما نعرف هو تمرين روحي ننطلق فيه من كلمة الله لنقرأ من خلالها واقع كياننا حقيقة، فتنير بصيرتنا وتساعدنا على عيش توبة صادقة، وتجديد مستمر”.

واشارت الى ان “التقوى الشعبية عادة عريقة وجميلة في إقامة التطوافات المريمية وتكريم مريم من خلال صورة أو تمثال. محدودينا البشرية تقتضي أن نعبر بطريقة حسية عن إيماننا اللامحسوس لنتمكن من مقاربة الله بصورة أقرب إلينا. لكن هذا الأمر سيف ذو حدين، فهي شعرة تفصل بين النظر إلى الصورة لمحادثة صاحبتها، وبين التعلق بالصورة دون القدرة على بلوغ الأصل.”

وتابعت: “إن لم تقدنا صلاتنا إلى الحب، وإن لم تقدنا الليتورجيا والعبادات البارا-ليتورجية إلى إدراك أوضح للواقع، وإن لم تقدنا مريم إلى الله، الحياة ومعطي الحياة، فما الفائدة من صلاتنا؟ وإن كان الوقت الطويل الذي نمضيه في العبادة والتسبيح وإنشاد التراتيل والأغاني الروحية، والتطوافات، والتساعيات وتلاوة المسابح لا يجعلنا نصبح أكثر تسامحا ورحمة ومحبة، أفلا يجدر بنا بالأحرى إعادة النظر بما نفعل وإستخدام هذا الوقت بشكل مثمر في عملية فهم الذات وإصلاحها من خلال تقوانا. فنستحق عندئذ رحمة الله بحسب نشيد مريم ورحمته من جيل إلى جيل للذين يتقونه”.

وختمت بالقول: “علينا اليوم أن نعيد النظر في كيفية إكرامنا لمريم وعلاقتنا بها، حتى نكون تلاميذ صالحين في مدرستها، مدرسة الإيمان والتواضع والرحمة والمحبة، فنسير معها ومثلها إلى لقاء الله والاتحاد به بعلاقة بنوية ناضجة.”

المطران الحاج
بدوره قدم المطران شكر الله نبيل الحاج مداخلة قال فيها: “سأستعرض معكم أيها الأحبة موقف الكنيسة الرسمي الصادر خاصة عن البابوات في السنوات الأخيرة، وبعد ختام المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني إذ لو يتطرق الدستور في الليتورجيا المقدسة الصادر عن المجمع الفاتيكاني الثاني لم يتطرق بالتفصيل عن علاقة الصلاة الجماعية الرسمية للكنيسة أو ما نسميه الليتورجيا بالعبادات التقوية أو ما يسمى التدين الشعبي Religiosite populaire أو بالأحرى التقوى الشعبية Piété populaire، لكنه أكد على حرية العبادات التقوية عندما لا تمس بالإيمان وخير الجماعة العام وحتى في الطقسيات، وفي هذا الخصوص يقول: إن الكنيسة لا ترغب في أن تفرض صيغة نص موحد لا يتغير في المجالات التي لا تمس الإيمان وخير الجماعة العام وحتى الطقسيات، بل بالعكس إنها تحافظ على ميزات الشعوب المختلفة ومواهبها وتعمل على إزدهارها، وكل ما لا يتعلق في آدابها بالخرافات والأضاليل تعلقا لا ينفصم يقدره برفق، وإذا ما إستطاعت الى ذلك سبيلا، حافظت عليه محافظة كاملة، وأكثر من ذلك أنها تقبل به أحيانا في الطقسيات ذاتها، شرط أن يتناغم مع روح طقسي حقيقي وأكيد (دستور الليتورجيا المقدسة 37).

أضاف: “أما البابا الطوباوي بولس السادس فسيتطرق مباشرة وبطريقة إيجابية إلى موضوع التقوى الشعبية في الإرشاد الرسولي “التبشير بالإنجيل” بعد أن نظر بريبة إلى هذا الموضوع بعد الفاتيكاني الثاني لسنوات طويلة. وإنطلاقا من بولس السادس سيعتبر البابوات يوحنا بولس الثاني وبندكتوس السادس عشر وقداسة البابا فرنسيس ان موضوع التقوى الشعبية يندرج، ليس تحت عنوان الليتورجيا ولكن تحت عنوان البشارة بالإنجيل. هذا ولا يغيب عن ذهننا ان الكنيسة عادت وأصدرت في كانون الأول 2001 توجيهات حول العبادة الشعبية والليتورجيا، وفي حينه إعتبرت هذه الوثيقة التي صدرت عن مجمع الطقوس وليس عن البابا، جديدة، بالمقارنة مع التقوى والعبادات الشعبية القديمة قدم البشرية، كما أن المعضلات التي تطرحها العلاقات بين التقوى الشعبية وبين الليتورجيا هي قديمة قدم المسيحية وبالرغم من الاصلاح الليتورجي الذي أقره المجمع الفاتيكاني الثاني، فإن الممارسات التقوية ما زالت موجودة، وستبقى طالما هناك انسان يصلي ويبتغي رضى الخالق”.

وتابع: “بالعودة إلى بولس السادس، الذي أصدر الإرشاد الرسولي “التبشير بالإنجيل” بعد دورة سينودس الأساقفة، فإنه يعتبر ان آباء السينودس اكتشفوا مجددا أهمية التقوى الشعبية بعد أن درسوا الموضوع بتعمق وبواقعية وغيرة راعوية أكيدة. وهو يعتبر ان التقوى الشعبية هي أولا وأخيرا تعبير عن تفتيش الإنسان الدائم عن الله وحاجته إلى الإيمان بخالقه وطلب رضاه. ويؤكد البابا أن التقوى الشعبية لها محدوديتها وأنها أحيانا تلامس الخرافة وتشوه الدين وأنها تبقى أحيانا كثيرة على مستوى التقاليد والعادات والثقافات الشعبية المتوارثة بدون ان تطلب التزاما صريحا بالإيمان حتى انها تقود أحيانا إلى الإنخراط في الشيع والبدع التي تهدد مباشرة الجماعات الكنسية. ولكن إذا وجهت هذه التقوى التوجه الصحيح فإنها غنية بالقيم لأنها تعبر عن عطش حقيقي لله يعرفه فقط البسطاء والفقراء والمساكين. انها تؤهل الإنسان إلى سخاء كبير وتضحية إلى حد البطولة عندما يتطلب الموقف إعلان الإيمان والشهادة له. كما أنها تحوي على مفاهيم جميلة عن الله كالأبوة والعناية والحضور المحب والثابت له وهي تقود الى الصبر وحمل الصليب في الحياة اليومية والإنفتاح على الآخر، فهذه التقوى عندما يحس توجيهها تقود حتما إلى لقاء الله بيسوع المسيح (راجع التبشير بالإنجيل رقم 48).

وأردف: “أما يوحنا بولس الثاني البابا القديس ففي الإرشاد الرسولي: “الكنيسة في آسيا” يؤكد على أهمية التقوى الشعبية الخاصة كتعبير أصيل للعمل الإرسالي العفوي الذي يقوم به شعب الله: “إذ انها حقيقة في تطور دائم حيث الروح القدس هو الفاعل الأول” (الكنيسة في آسيا 6 تشرين الثاني 1999 رقم 21). ويصرح البابا بندكتس السادس عشر، أثناء ترؤسه للجلسة الإفتتاحية للمؤتمر العام الخامس لمجلس أساقفة أميركا اللاتينية والكاراييب في 13 أيار 2007: “إن التقوى هي كنز الكنيسة الكاثوليكية الثمين إذ فيها تظهر نفس شعوب أميركا اللاتينية” ونحن لا ننسى أنه في إفتتاح سينودس الأساقفة للشرق، الذي شاركنا فيه، وفي خطاب الإفتتاح، شبه البابا بندكتس التقوى الشعبية بالأرض التي ابتلعت المياه وأنقذت المرأة التي حاول التنين أن يغرقها فيها (رؤيا 12/15).

وقال: “مع قداسة البابا فرنسيس يبلغ الإعجاب بالتقوى الشعبية ذروته وهو يتوقف على هذا الموضوع مطولا وفي رسالته “فرح الإنجيل” اذ يفرد له عنوانا مميزا ومقاطع عديدة مرجعا إلى التقوى الشعبية “القدرة على التبشير بالإنجيل” (راجع 122، 123، 124، 125، 126) ومعتبراً إياها “التعبير الأصيل للعمل الإرسالي العفوي الذي يقوم به شعب الله وحيث الروح القدس هو الفاعل الأول (122) والأداة التي تساعدنا أن نفهم كيف ينثقف الإيمان المقبول في الثقافة المحلية. وكيف يواصل التناقل (123).

أضاف: “بعد ذلك يتبنى البابا وثيقة أساقفة أميركا اللاتينية التي أعلنت في اباريسيدا (29/6/2007) والتي تتحدث عن الثروات التي يفيضها الروح القدس في التقوى الشعبية والتي يسميها الاساقفة أيضا “الروحانية الشعبية” أو “الصوفية الشعبية”. فهي في نظرهم ونظر قداسته “روحانية حقيقية متجسدة في ثقافة البسطاء، كما أنها طريقة شرعية لعيش الإيمان، واسلوب للشعور بلإنتماء إلى الكنيسة، والإحساس بأن المرء مرسل، إنها تحمل في كيانها نعمة الرسالة، والخروج من الذات والسير في طريق الحج: إنها السير معا إلى أمكنة العبادة، والاشتراك في تظاهرات التقوى الشعبية الأخرى واصطحاب الأولاد ايضا أو دعوة أشخاص آخرين لذلك هي بحد ذاتها عمل تبشير بالإنجيل (124).

وتابع: “ينصح قداسته بالتقرب من هذه التقوى بنظرة الراعي الصالح الذي لا يسعى ليدين بل ليحب، داعيا إلى التفكير بإيمان أولئك الأمهات الراسخ، عند سرير ولدهن المريض، المتمرسات بتلاوة الوردية بينما هن لا يعرفن أن يتلفظن بكلمات قانون الإيمان أو بكل تلك الأعمال المثقلة رجاء والتي تعبر عنها بشمعة تضاء في كوخ وضيع طلبا لمساعدة مريم، أو بتلك النظرات إلى المسيح المصلوب المملؤة حبا عميقا ويتابع قداسته “من يحب الشعب القديس المؤمن بالله لا يمكنه أن ينظر إلى هذه الأعمال وكأنها فقط بحث طبيعي عن الألوهة”، إنها تعبيرات حياة لاهوتية ينعشها عمل الروح القدس الذي أفيض في قلوبنا” (125) وينهي بابا الرحمة هذه المقاطع بقوله: “توجد في التوى الشعبية، بما أنها ثمرة الإنجيل المنثقف، فكأننا نتنكر لعمل الروح القدس. إننا مدعوون بالأحرى إلى أن نشجعها ونقويها كي نعمق مسار الأنثقاف الذي هو واقع لا يكتمل أبدا. علينا أن نتعلم الكثير من تعابير التقوى الشعبية، ولمن يعرف أن يقرأها، إنها موقع لاهوتي علينا أن نعيره إهتمامنا، بالأخص عندما نفكر بالتبشير الجديد بالإنجيل (126).

وختم: “أعتقد شخصيا أننا إذا أحسنا توجيه مظاهر التقوى الشعبية بطريقة تربوية دقيقة، نستطيع من خلالها قيادة شعب الله إلى التزام أعمق بالإيمان وبلقاء شخصي حي بالله الأب من خلال يسوع المسيح وبنعمة الروح القدس، للثالوث الأقدس المجد الأن وإلى الابد، آمين.”

الأب بشاره
بدوره قدم الأب سمير بشارة اليسوعي مداخلة قال فيها: “في تعليم الكنيسة، التقوى الشعبية كنز حقيقي للكنيسة، والتقوى الشعبية المعاشة في العائلة تنقل مبادىء الإيمان المسيحي، وبإمكانها أن تكون قوة مضادة تجاه البدع والشيع المنتشرة التي قد تهدد نقاوة الإيمان، وإن التقوى الشعبية وممارستها السليمة هما نقطة إنطلاق أساسية لعيش الإيمان بنضوج وعمق أكبر، ولها أهمية مميزة في الأنجلة الجديدة.”

وأشار إلى “بعض التنبيهات ومنها أن التعلق المبالغ بالعبادات والإكرامات المختلفة تفقد أحيانا التركيز على شخص يسوع المسيح، لا بل تضعفه؛ إلى قلة القراءة أو التأمل في الكتاب المقدس؛ إلى المبالغة أو التعلق بالعلامات أو الإشارات أو التصرفات التي ترتكز على المظهر الخارجي مثلا (التوجه أثناء دخولنا الكنيسة نحو مزار القديس أو الأيقونة وعدم إعتبار المسيح الحاضر في بيت القربان، الإكثار في رسم إشارة الصليب بسرعة تفقد المعنى العميق للحركة، لمس أو تقبيل الصور بصورة مفرطة، وتؤدي هذه العبادات الغير منضبطة أو الغير مهذبة والمرتكزة بشدة على الحواس وتفعيل المشاعر إلى الوقوع في خطر السطحية أو “الإيمان السحري”.

أضاف: “فيما يخص التطوافات والذخائر وإكرام القديسين والتقوى المريمية، ليس عليها أن تبعدنا عن الهدف الأساسي ألا وهو أن نتقرب أكثر من المسيح ومن محبة الله ولا ننفصل عنه.”

وأوضح “مفهوم الشهر المريمي أي الاستعداد لاستقبال الروح القدس من خلال الإكرام المريمي، ولإكرام القديسين شفاعة خاصة ومميزة ومن الضروري التوجه إليهم، علما أن المسيح يبقى الوسيط الأوحد، وبالنسبة للتطوافات ليس عليها أن تطغي على قدسية الأسرار بل أن تخدمها وأن تنمي فينا الإيمان، والخطر أن يتحول التطواف إلى معرض أو مهرجان فولكلوري، ويجب أن نتحاشى الأبهة الخارجية والبعيدة عن الأساس ألا وهو مجد الله وخلاص الإنسان.”

ولفت الى أنه “فيما يخص إكرام الذخائر والإيقونات علينا أن نحيطها باللياقة الكبيرة وأن يرافقها فعل إيمان كبير، علما أننا لا نكرمها لذاتها لكن لما تمثله حياة إيمان نموذجية وبطولية.”

وختم: “يجب أن ننتبه على ألا تركز تقوانا على كثرة الحركات والأفعال الخارجية، لكن على ممارسة محبة حارة وفعالة تترجم من خلال شهادة حياة مثالية مترسخة في المسيح.”
وطنية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).