شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | مقالات | الوسواس الدينيّ من جهة الصلاة الوسواس الديني (1)
الوسواس الدينيّ من جهة الصلاة الوسواس الديني (1)
الصلاة

الوسواس الدينيّ من جهة الصلاة الوسواس الديني (1)

بداية ، ورغم أنّ الموضوع سيأخذنا إلى تفرّعات متنوّعة ، سوفَ أضعُ موضوعي ،  بسبب طوله ، إلى أجزاء ٍ . فمعلوم أنّ كثرة الكلمات تصيرُ مملّة بعض الشيء لكم.

سأنطلقُ في موضوع ” الوسواس الدينيّ ” من إتجاهين ، وسأتأمّل وإيّاكم في الموضوع :  الوسواس الدينيّ من جهة الصلاة وكيفيّة ممارستها ، والتي قد تؤدّي إلى ممارسات ٍ  وثنيّة بعيدة عن المنطق والحقّ الذي أرادهُ الربّ منّا . ومنها أيضا ، سنرى  التصوّرات المغلوطة عن الله . ولقد رأيتُ أنّ الصلاة الوثنيّة الخاطئة ، والصور  المشوّهة عن الإله ، إمّا تأتي بسبب الوسواس الدينيّ ، وربّما أيضا هذه الصلاة  والصور ، هي التي تؤدّي إلى ولادة الوساوس الدينيّة التي لا داعَ لها . أمّا  الإتجاه الآخر الذي سأوضّحه وأتطرّق إليه ، هو جانب ” الإصغاء إلى الله ” ، وكيفَ  نقدرُ أن نكوّن مع الآخر علاقة سليمة بعيدة عن مشاعر الذنب المرضيّ التي يؤول إلى  الوسواس الدينيّ .. ومنها أيضا ، سنتكلّم عن علاج الوسواس الدينيّ المرضيّ الذي  يهيمن على الكثيرين اليوم ، من خلال الكلام عن ” البنوّة ” مع الله .

لن أقومَ بشرح ٍ أكاديميّ لموضوع الوسواس الدينيّ من الناحية النفسيّة وتعقيدات  علم النفس (فهذا ليس من إختصاصي – أضعهُ لعلماء النفس ! ) . سيكونُ الموضوع أكثر  كلاسيكيّا ، يهمّ واقع الإنسان اليوم ؛ ما أبغيه هو ” تقشير الطبقة المتصدّئة  التي  تُغلّف حياة الإنسان ، طبقةٌ سميكة لا داعي لها أبدًا ، لإنها من (مخلّفات الماضي)  ، تقودُ (كما سنرى) ، إلى الوهم .

هل يا تُرى أنّ الدين (التديّن ) ، هو سبب ولادة ” الوسواس الدينيّ ” في حياة  الإنسان ؟ . وهنا نميّز بين الدين والإيمان . فالدين ، سعيٌ مصدرهُ الإنسان ، قد  يكون أمرٌ ثقافيّ ، ويمكنُ الإعتقاد أنّه وُجدَ مع الإنسان ، منذ ملايين السنين أخذ  الجنس البشري يظهر على وجه الأرض ، في حين أنّ الزمن الذي يفصُلنا عن إبراهيم لا  يبلغُ أربعة آلاف سنة . يتساءل الأب فرنسوا فاريون ، هل كان الإنسان ، مدّة تلكَ  الألوف والألوف من السنين ” حيوان متدّين ” !  ، بحسب العبارة التي وردتْ على لسان  (آرسطوطاليس) . رغمَ أنّ ماركس ، أنكرَ هذا الإفتراض ورأى أنّ الدين لم يظهر على  وجه الأرض إلا مع إستغلال الإنسان للإنسان ، وإستنتجَ أنّ الدين يفقدُ كلّ علّة  وجوده ِ ، يومَ يزولُ إستغلال الإنسان للإنسان ( مجتمعٌ بلا طبقات ) .

وهنا يقول فرنسوا : الدين أمرٌ ثقافيّ بشريّ. الدين ، الشعور الدينيّ ، بصفته  غير الإيمان ، وبصفته قابلا للنظر إليه بمعزل ٍ عن الإيمان . إنه أمرٌ يلبّي بعض ”  حاجات ” الإنسان .

إذن ، هل في هذه الحالة ، نستطيعُ أن نقول : إنّ الكثيرين هم ” متديّنون ” لا ”  مؤمنون ” !؟ . قد يكونُ في هذا الإعتقاد بعض الصحّة في واقعنا اليوم .

غايتي في هذا الموضوع ، لا أنْ – كما يفعلُ بعض الزمر من الناس – أ ُبخّر في  وجوهكم (مع شديد الإحترام والتقدير لمقامكم ) .. ” عندما تذهبُ للطبيب ، سوف لن  يقولَ لك ” ما أجمل عيناكَ ! ، بل سوفَ يشخّص مرضك للتخلّص منهُ بأسرع وقت ! ” ..  هدفي كشفُ الخطر ، ورفعُ الطبقة الشمعيّة التي إحترقت ، وكسر هذه الحلقة المؤلمة  التي تخنِقُ إيماننا المسيحيّ بسبب ( وساوس الدين ) والخوف من ” الإله “، وإستمالة  عطفهِ ، وإرضاءه  بأمور ٍ تافهة ٍ لا تليق بالمسيحيّة لا من قريب ولا من بعيد .  إنها وساوس وأوهام .

نرى اليوم في عالمنا ، الكثيرينَ يلجأونَ إلى ممارسات ٍ بعيدة عن الواقعيّة ،  ممارسات ” لا منطقيّة – لا عقلانيّة ” ، بل إنّها فقط تقودُ إلى مورّثات قديمة (  أبّا عن جدّ ) إستحوذتْ العقول والنفوس ، وأصبحتْ ” مبدأ حياتيّا وقانونا لنا”  ! .  بسبب ، أنّ الإنسان المرميّ في بحر هذا العالم الهائج (الغامض المجهول ) لا يلبثُ  أن يشعرَ بإنّ وجوده غير ثابتْ وسريعُ الزوال ، ومهدّد . ما الذي يهدّده ؟ قد يكون  المستقبل . فهو لا يعلمُ ما قد يحصَل : المجاعات ، الصواعق ، الأمراض ، الكوارث ،  الموت . وفي أيّامنا أيضا ، نحنُ المدّعين أنّنا مثقّفونَ ومتطوّرون ، لا نزالُ  محافظين على شيء من ذيول تلكَ ” العقليّة البدائيّة ” ، ونتكلّم على (أيّام الجدود)  ، إذ نقول : لا نعلمُ ماذا يخبّئه لنا المستقبل . فالمستقبلُ يهدد ، والماضي مريحٌ  ، ويُطمئن أكثر ! .. أسطورة العصر الذهبيّ ، أسطورة تشملٌُ العالمَ كله؛ فالمثالُ  الأعلى هو ” وراءنا ” ، والشرّ هو في التقلّب ، فكان الأفضل أن يبقى كلّ شيء ٍ على  حاله ِ ، والدين هو ما يربطُ بما لا يتبدّل ، أي بذلك الماضي الأصليّ حيث كانَ كلّ  شيء ٍ ، على حسب ِ زعمهم ، صافيــــًا .

يتبعُ

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).