شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | مقالات | حين نموت .. أين نذهب ؟ ! (2) بقلم عدي توما
حين نموت .. أين نذهب ؟ ! (2) بقلم عدي توما
الحياة بعد الموت

حين نموت .. أين نذهب ؟ ! (2) بقلم عدي توما

هل من المعقول ، والمنطق أن نموتَ وتموتُ أجسادنا وتصبح عظامًا ،  وتتوقّف وظائف جسمنا عن الحركة ، بإنقطاع عن الحياة الأرضيّة ، وتزولُ  حقيقتنا ونفقد الارتباط بالعالم الخارجيّ وبالكونْ

إلى حيثُ لا رجعة ؟!

ليس الإنسان ، قطعة حلوة (شوكولاتة ) ، بحيث يمكنُ أن نقسمها إلى  قطعتين أو ثلاثة ، كلّ قطعة ٍ تذهبُ إلى جهة .. الإنسانُ كائنٌ حيّ (جسد –  نفس – روح ، عواطف وإنفعالات ومشاعر وأحاسيس ، والأكثر : العقل والمعنى !  ). هل يفقدُ الإنسان هذا ، بعد الموت ، علاقته بالتاريخ البشريّ، وبالعالم  الإنسانيّ وبالكون ؟! نستطيعُ أن نقول : إن الإنسان ليسَ لعبة ، بالموت ، تنتهي وتزولُ .. وبالموت لا يفقدُ الإنسان حقيقته وتنفصلُ النفس عن الجسد (  كإنفصال قطعة شوكولاتة إلى نصفين ، فلا يمكنُ تصوّر الأمر هكذا أبدًا ، بهذه الطريقة الهزليّة الصبيانيّة السخيفة ! .. قد يكونُ المقصد بإنفصال  النفس عن الجسد ، بمعنى (أنّ الإنسان هذا الكائن البيولوجيّ العضويّ ، بالموت يفقدُ الإتصال والإحساس بالعالم الخارجيّ ، بحيث لا يمكنه أن يتّصل –  عضويا – بالآخرين وبالتاريخ .

لكن ، لا نقدرُ أن نصرّح ونقول : الإنسان  إنتهى من الكون وبتأثيره على الآخرين ! وهذا واقع حيّ نعيشهُ في حياتنا ،  ويمكنُ – علميّا – نراهُ في الأحلام ! .  نرى الكثيرينَ اليوم يرونَ  أمواتهم في ” الأحلام ” ، والحُلم ليس أمرًا إعتباطيّا أبدًا ، فهو أمرٌ  محيّر جدّا ، كيف يمكنني أنا الآن مُلقى في السرير نائمٌ – وكما يقال ( أنّ  النائم يُشبه الميّت !) ، كيف يمكن أن يكونَ جسدي مثبّت كالمسمار على  السرير ، وأرى في حُلمي أمورًا كثيرة ، مؤكّد أنكم تعرفون بإن الحُلم (  رغبة مكبوتة تظهر في اللاوعي كما يقول العالم فرويد وهذا أمرًا علميّا وليس  إيمانيا ! )، الرغبات والأفكار ، كأنها في ” فترة النوم” ، تكونُ هائمة ً  في مجال اللاوعي الإنسانيّ .. لكن لا نقدر على أن نعطي لها تفسيرات ٍ  مقبولة ، إنها فوق مستوى عقلنا ، والغريبْ أننا نجدُ إمّا أحياءنا أو  أمواتنا ، أو أمورًا أخرى حدثت معنا … لماذا ؟ لا نعرف .

ما نعرفهُ ، هو أنّ الأحلام ، تُثبت الحياة ما بعدَ الموت . والغريب  أكثر ، هو أنّ جسمنا البيولوجيّ يتأثّر بما نراهُ في الحُلم ( و مؤكّد أنكم  ستوافقونني عليه ) . لماذا يتأثّر جسمنا العضويّ ، مع العلم أننا لا نقوم  (جسديّا) بأيّ عمل ٍ ، سوى أن فكرنا وعقلنا ولاوعينا ، يعملون عملهم (  الجسد يتأثّر ولا يمكنُ أن يكون منظرًا للزينة أبدًا فهو مرتبطٌ برباط  النفس والروح )  .

عندما نموتُ ، لا نذهبُ إلى أيّ مكان آخر خارجًا عن أحياءَنا وعالمَنا (  تاريخ الإنسان هو تاريخ العالم ولا يمكن الفصل بينهما ! ) ، ليس هناك مكانٌ آخر نذهبُ إليه فوق في السماء (الفضائيّة – فلا وجود للسماء ِ  الفضائية إلا في الذهن والمخيّلة ! )  لنكن واقعيّين أكثر من هذا .

حين نأخذ بوصلة بإعتبارها مثالا ، نرى مؤشّرها يتّجه نحو الشمال ،  ويُحتّم وجود قطب شماليّ لم ولن نراه ، لكونه شيئا ” غير محسوس ” . كذلك ما  يُحرّك الإنسان من المحتّم أنْ يكون له وجود وإلا ما إتجه نحو هذا المطلق.  إن هذا القُطب ، ليس في متناول حواسّنا ولا يقعُ في إطار حياتنا على الأرض  . هذه الحقيقة مبنيّة على مبدأ فلسفيّ هو الـ”سببيّة ” فلكلّ شيء سبب ،  ولكلّ مفعول ٍ فاعل .

لقد تفنّن الإنسان القديم في الدفن وأوضاعه : فهناكَ الدفن في وضع معيّن  ، بعض الشعوب تدفنُ موتاها في وضع القرصفاء ، كالجنين في الرحم ، وأحيانا  يُوضَع في جرّة كبيرة من الفخّار تشبّها بالرحم والجنين بداخله ، مما يشيرُ  إلى عودة المتوفّى إلى أصله كجنين في إنتظار أن يولَد ثانية ً بعد أن  يُدفَن في بطن الأرض. وهناكَ من يدفنون الموتى في إتجاه الشرق ، في إنتظار  شروق الشمس التي ترمزُ للحياة الأخرى. وهناك الدفنُ في الضفّة المقابلة  للنهر ، ولقد مارسها المصريّون القدماء ، فعبور النيل يرمزُ إلى عبور  الموتى إلى أرض وحياة أخرى . وهناكَ التحنيط ، من خلاله نحافظ على الكيان  حتى يستمرّ في الحياة بعد الموت .

يتبع

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).