على كلّ حال ٍ ، الآن في هذا الجزء الرابع من موضوع (أ و ب ) .. ( أين يذهبُ المتوفّى بعد الموت !) ، سنرى بعض من أفكار وطروحات البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر ، وبعض من اللاهوتيين. وما ذكروه بخصوص الموت وما بعده ، وأيضا معنى ” الزمن الأبديّ ” . قد يكونُ التفسير – نوعًا ما – صعبًا عليكم ؛ لكن لابدّ من معرفته لإنه ممتعٌ جدّا . فهلمّ معنا لنرى ما يقوله البابا بهذا الخصوص …
يدعو التقليد المسيحيّ الموتَ ، نهاية سفر الإنسان . وهو يقصدُ بذلك أنّ الموت هو النهايةُ الأخيرة للإمكانيّة المتوفّرة للإنسان ليكوّن حياته الأرضيّة ، ويعملُ لخلاصه بمؤازرة نعمة الله . ومن ثمّ يجدرُ العمل ، ما دام الأوان . عندما يموت الإنسان ، تكونُ النهاية ( نهاية العالم ) بالنسبة لهُ شخصيّا بفقدانه الإتصال العضويّ بالكون ( لكنّه لا يفقد الإتصال نهائيّا بالعالم وبالتاريخ ! ) .
الأبديّة ، لا تعني مجرّد حياة ٍ تستمرّ إلى اللانهاية دون َ أن ترتوي أبدًا ، بل الإمتلاك ” المتزامن ” والكليّ والكامل لحياة ٍ لا تنتهي أبدًا . وبما أنّ الحياة هي الله (المسيح )، فالله ذاته – المسيح ، هو الحياة الأبديّة الدائمة ، هي أن يكون الإنسان مقبولا دائمًا . لقد أعوز التقليد المسيحيّ الإيمانيّ زمنٌ طويل ليتوصّل إلى أن يصوغ صياغة ً واضحة الحقيقة عن الحياة الجديدة (الأبديّة مع الله ) ، التي تنفتحُ بالموت للإنسان الفرد . وهذا يكشفُ عجزنا عن أعطاء تعريف ٍ واف ٍ بحياة ما بعد الموت ، وكيف تكون وأين ؟!. التقمّص : يناقضُ مناقضة ً تامّة التقليد الإيمانيّ المسيحيّ والتعليم الكنسيّ ، الذي يقول: بعودة النفس بعد الموت لحياة ٍ جديدة في هذا العالم . كما ذكرنا في الأجزاء السابقة ، بإن الإنسان لا ينقسمُ ( جسد – نفس – روح ) كأنه يمتلكٌ جسدًا ، ونفسًا وروحًا كقطعٍ يمكن ُ أن تُبعثر هنا وهناك وتنفصلُ ! .. النفسُ هي محور الشخص ، والجسد هو الإنسان ذاتهُ في علاقته بالبيئة والمحيط .
لهذا ، التعليمُ الذي يقول بعدم ” إنقسام الإنسان ” الذي يُنعَت بإنه مفهومٌ كتابيّ ، يتّفقُ مع الإنثروبولوجيا المعاصرة ذات الطابع العلميّ التي ترى إنّ الإنسان في كامل كيانه قائمٌ في جسده ، ولا تستطيعُ أن تعرف شيئا عن نفس ٍ يمكنُ أن تنفصلَ عنه. يتبعُ الجزء 4 ب
زينيت