شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | المحبّ يبحث عن اسم الحبيبة .. الحب يوقظ فينا الشعور بالإمتنان ويفتح آفاق المصير الإلهيّ. لاهوت الحبّ والزواج (5)
المحبّ يبحث عن اسم الحبيبة .. الحب يوقظ فينا الشعور بالإمتنان ويفتح آفاق المصير الإلهيّ. لاهوت الحبّ والزواج (5)
الزواج

المحبّ يبحث عن اسم الحبيبة .. الحب يوقظ فينا الشعور بالإمتنان ويفتح آفاق المصير الإلهيّ. لاهوت الحبّ والزواج (5)

يقولُ المطران يوسف توما : في قصّة الضلع السومريّة ، ونوم آدم ، وخلق المرأة ؛ هنا اللغة رمزيّة : لا يوجد حبّ حقيقيّ إلاّ إذا كان مُجسّدا ومطابقا لما يسكن في أعماق صدورنا . والصدر كالقفص ، والإنسان فيه سجين ، كالبلبل الحزين . تنعكس فيه صورة الآخر ، كتجسّد للفراغ والإنتظار والرغبة الحارقة ، فأنتظر الآخر ليملأني ويملأ فراغي ، وهذا الفراغ من صنع الله ، وضعه فيّ يوم خلقني …. ” . في الإنسان ، هناك مرحلة ناقصة في حياته ، هذه النقصُ هو لله .. ولا أحد يمكنه أن يسدّ هذا النقص سوى الآخر .

في الحبّ ، يبدو الآخر كـــ” جواب ” ، كحلم راودنا طوال الحياة كما تقول فيروز في احدى أغانيها ” أنا زارني طيفك بمنامي قبل ما أحبك ، طمعني بالوصل وسابني وأنا مشغول فيك ” . الإنسان متسكّع على دروب الحبّ يستجدي ، وإذا لم يكن موجودًا ، يجب أن يقتلعه من أحدى اضلاعه . الكاتب اليهويّ فعلا شاعرٌ مدهش .

يمضي كاتبنا في تفسير الحبّ : الحبّ يوقض فينا الشعور بالإمتنان ، ويفتح آفاق المصير الألهيّ . فعندما نشغف بالآخر ، يبدو الآخر لنا كمصير يتحكم بنا (وهذا شعور كلّ المحبّين – صعبٌ أن نفسّر لماذا أحببتكْ (أحببتُك ِ ) ) ، كمرسل ٌ من الله ، نقع فيه كالعميان (مع العلم أنّ الحبّ ليس بأعمى ! ) ، لم نختره ، ولم نقرّره . إنها لحظة حاسمة نشعر فيها بسعادة جنونية كإنطلاقة من قواعد ” الأنا ” ، ودعوة كامنة لا يمكن التخلّص منها : ” إنها هي التي أريدها ” . هذا كان صراخ آدم . صراخٌ يعبّر عن الدهشة والخضوع والضرورة العميقة . هكذا عاش كلّ المحبّين .

المحبّ يبحث عن اسم الحبيبة (تك 23 )

عندما يرى آدم المرأة التي أعطاها إيّاه الله ، أوّل شيء يعمله انه يطلق عليها ” إسمًا ” . وهو مشتقّ من أسمه كنوع من قرابة الدم العزيزة على الشرقيّين. لكن المهمّ هنا ، ليست القرابة بل التسمية . فكما حدث في تسمية آدم للحيوانات ، حين قال عن كلّ منها شيئا مهمّا ، ليبيّن ما بينه وبين الطبيعة من علاقة . عطيّة الإسم للمرأة ليست جعلها جزءًا من ” امبراطوريّته ” . فهو كالملك ، خلع عليها إسمًا ، ألبسها إيّاه ، ميّزها به ؛ لكنّه اسم على مسمّى ، اقتلعه من طبيعتها ، فأسمها يفرض نفسه بديهيّا : ” عظمٌ من عظامي – ايشا من ايش ، أنها شبيهة ومختلفة حتى العظم ، مختلفة وشبيهة في آن واحد ، وما اللغة سوى محاولة لإظهار هذا الشبة وهذا الإختلاف .

كلّ لغات العالم تكشفُ هذا الأمر . آدم يكتشف الطبيعة والخلائق بأسماء معيّنة لا يذكرها الكاتب ، لكن اسم المرأة يذكره ، وكأنه نهاية مطاف الأسماء وغصّة اللغة ، فتأخذ الكلمة الأخيرة مكانها الحقيقيّ لتسمية الحبيبة .

إذن ، هنا ، نكتشفُ تعبيرٌ عن حقيقة كونيّة : لا شيء يفسّر لنا الحبّ مثل التسمية . الحبّ هو عبارة عن بحث متوتّر عن اسم يليق بالحبيب (كم يحتارُ المحبّ اليوم في أن يلاقي أسماءً كثيرة يوصف بها حبيبته فلا يجد إلا التعابير المجازيّة ، وأيضا الأمثال : أنت كـــ ” مثل ” … الخ ) .. إنه قلق يريد أن يفهم الآخر ويقترب من جوهره ، أن يخصّصه ويميّزه عن الآخرين . فمن يقع فريسة لشبكة الحبّ ، يشعر بهذه الحيرة أمام ما يشبهني وما يختلف عنّي .

الإنسان يسمّي ، وفي نفس الوقت ، يطرح السؤال : من أنت ؟ كلّ المحبّين يغردون بأسماء تعبّر عن فرحهم بإكتشاف الآخر من أوجه متعدّدة . كلّ الأسماء التي يطلقونها لا غاية لها سوى محاولة لرأب صدع الفشل : إذ ليس هناك من إسم يكفي الآخر ويشمله ويغطّيه ويستره ، إلاّ إسم قريبْ من أسمي ، قريب من القلب وبعيد عن اللغة ، فالعجز في كلّ لغة ٍ عندما يقترب من هذه المنطقة الخطرة . لذا ، يأتي أسمها ” امرأة ” من ” امرئ ” : ايشا من ايش ، (موجودة من الموجود ، معاصرة لوجودي أنا ) ، هذا الإسم هو أرقّ ما في اللغة وهو خضوع واستسلامٌ بدون شرط لهذا العجز بسبب الدهشة التي أيقضتها فيه .

يتبع (عندما ينضج الحبّ ، يترك الرجل أباه وأمّه ) … معنى ” الترك ” ؟

بقلم عدي توما \ زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).