شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | الإيمان بالثالوث هو الطريق إلى السعادة القدّيس توما الأكوينيّ ومفهومه حول الخلاص
الإيمان بالثالوث هو الطريق إلى السعادة  القدّيس توما الأكوينيّ ومفهومه حول الخلاص
الروح القدس

الإيمان بالثالوث هو الطريق إلى السعادة القدّيس توما الأكوينيّ ومفهومه حول الخلاص

ونحن نقترب من عيد القدّيس توما الأكوينيّ هذا الراهب الدومنيكانيّ ومن ألمع أبناء الرهبنة . ولد في روكّل بإيطاليا العام 1221 ، ودخل الرهبنة الدومنيكيانيّة العام 1244 ، وكرّس حتى مماته في العام 1274 كلّ مواهبه وجهوده لإدخال المنهج المدرسيّ الجديد في المصادر اللاهوتيّة التقليدية. ففي عصر ٍ كان العنف فيه قائمــًا بين الثنائية الخطرة الإيمان والعقل ، اللاهوت والفلسفة ، قاد توما العقيدة المقدّسة إلى موضع ٍ آمن ٍ بين تهديد أخطار الجحود بالإيمان ورفض العقل البشريّ ، كما يقول سيرتيلانج : ” وصلت الأمور إلى مرحلة ٍ صارت فيها العلاقة بين الإيمان والعقل مسألة ً لا حلّ لها . ووجد القديس أنسلمس وآخرون أنها حجر عثرة … وحين بدأت حياة القدّيس توما الفكريّة ، لم يكن البتّ في المسألة قد انتهى تماما . فقد شرع ألبير الكبير ” في جعل مؤلّفات أرسطو مفهومة لدى اللاتين ” … وعلى الرغم من الشهرة الواسعة لهذا الشخص المشهور ، لم يكن الرجل المطلوب لقيادة عصره ، وقيادة الكنيسة إلى برّ الآمان ” .
عالج القدّيس توما مفهوم الخلاص لعلاقته بمفهومي التبرير والنعمة ، وهو وإن لم يعرضه مستقلا في الخلاصة اللاهوتيّة المشهورة ، فقد عالجه من خلاال علاقته بمفاهيم أخرى كالتبرير والإيمان ، ويطرح الأكوينيّ هذه الأسئلة :
– هل التصديق بشيء يتجاوز معرفته قدرة العقل ، مهمّ للخلاص ؟
– وما علاقة الإيمان الصريح بالمسيح ؟
– وهل الإيمان بالثالوث ضروريٌّ للخلاص؟
لنبدأ بالسؤال الأوّل : هل التصديق بشيء يتجاوز معرفته قدرة العقل شرطٌ لتحقيق الخلاص؟ تقول الدكتورة في الفلسفة المسيحيّة والعصور الوسطى (عايدة أيّوب) : هناك من يرى أنّ التصديق الإيمانيّ ليس ضروريّا للخلاص ، وثمّة رأى آخر لبولس الرسول في الرسالة إلى العبرانيّين حيث يقول : ” بغير إيمان لا يستطيع أحد أن يرضي الله ” . وفي الحقيقة ، نجد القدّيس توما يشرح تلك القضيّة فلسفيّـــا في بداية الأمر ، ثمّ يُعوّل بعد ذلك على الكتاب المقدّس .
ذهب الاكوينيّ في طرحه الفلسفيّ إلى أنّ كمال الطبيعة يتحقّق على نحوين : أحدهما بحسب حركتها (حركة الطبيعة) الخاصّة ، والثاني بحسب حركة ما يعلو عليها طبيعيّا . ويذهبُ إلى اختلاف الطبيعة الإنسانيّة الناطقة عن سائر الخليقة ، أنه ليس ثمّة وسائط بينها وبين الله تحرّكها ، إنّما يحرّكها الله مباشرة ؛ لقدرتها على إدراك حقيقة الخير والموجود الكليّ . وأعطى توما مثالا على ذلك : ” إنّ الماء بحركته الخاصّة يتحرّك إلى المركز ، وبحركة القمر يتحرّك بالمدّ والجزر حول المركز ، وكذلك أفلاك الكواكب ، فإنّها تتحرّك بحركاتها الخاصّة من المغرب إلى المشرق ، ولكنها بحركة الفلك الأوّل تتحرّك من المشرق إلى المغرب ، والطبيعة الناطقة المخلوقة لها وحدها إلى الله نسبة بلا توسّط ، لأن سائر المخلوقات لا تتّصل بشيء كلّي بل بشيء جزئيّ فقط ؛ لاشتراكها في الخيرية الإلهيّة ؛ إمّا بالوجود فقط كالجماد أو بالحياة وإدراك الجزيئات أيضا كالنبات والبهيم ، وأما الطبيعة الناطقة فمن حيث تدرك حقيقة الخير والموجود الكليّ لها إلى المبدأ الكليّ للوجود نسبة بلا توسّط “(من الخلاصة اللاهوتيّة ، المجلّد الخامس ، المبحث الثاني ، الفصل الثالث ص 404) .
إنّ سعادة الإنسان قائمة على مشاهدة الله عن طريق التعلّم ، وهذا العلم الذي يحصل عليه الإنسان لا يحدث دفعة واحدة ، بل يحدث بصورة تدريجيّة ، بحسب قدراته وطباعه ، يقول توما : ” وكلّ متعلّم على هذا النحو يجب أن يصدّق بأنه يبلغ العلم الكامل .. فلا بدّ ، إذن ، لبلوغ الإنسان كمال المشاهدة القائمة بها السعادة أن يصدّق الله تصديق التلميذ لمعلمه “. إذن ، قمّة التدرّج هي المشاهدة الكاملة المحقّقة للسعادة .
يعوّل القدّيس توما على ما جاء في إنجيل يوحنا (6 : 45) : ” كل مَن سمعَ من الآب وتعلّم يُقبِل إليّ ” . فالله يفيضُ على الإنسان بنور الإيمان للإذعان لتقبّل وتصديق بعض الأمور والمبادئ التي تفوق قدرة العقل الطبيعيّ على إدراكها ، يقولُ توما : ” يذعن الإنسان بنور الإيمان المفاض عليه من الله للأمور الإيمانيّة ، لا لما يضادها . فإذا ليس من خطر أو قضاء على الذين في المسيح يسوع وهو مستنيرون منه بالإيمان .
ويقول توما الأكوينيّ في خلاصته اللاهوتيّة عن الإيمان بالخلاص : ” لا يمكن أن يؤمن صراحة بسرّ المسيح من دون الإيمان بالثالوث ؛ لأنّ سر المسيح يدخل فيه أن ابن الله اتخذ جسدًا ، وأنه جدّد العالم بنعمة الروح القدس ، وأنه أيضا حبلَ به من الروح القدس ” (الخلاصة اللاهوتيّة ، المجلّد الخامس ، الجزء الثاني ، المبحث الثاني ، الفصل الثامن ص 417) .
السؤال الثاني : هل الإيمان الصريح بالمسيح ضروريّ لخلاص الجميع ؟
هناكَ من يرى أنّ الإيمان الصريح بسرّ المسيح ليس ضروريّا للخلاص ، فلا يجب على الإنسان أن يؤمن بما تجهله الملائكة ، وعلّة ذلك أنّ الإفصاح عن مضمون الإيمان يحدث عن طريق الوحي الإلهيّ بواسطة الملائكة لتبليغه للناس . والملائكة بأنفسهم جهلوا سرّ التجسّد . وبالتالي ، فإذا كان الملائكة قد جهلوا سرّ التجسّد فلا يجب على الناس أن يؤمنوا بصورة واضحة بسرّ التجسّد (الخلاصة اللاهوتيّة ، المجلّد الخامس ، الجزء الثاني ، المبحث الثاني ، الفصل السابع ص 413) . نجح توما في وضع حلّ لهذه الإشكاليّة من خلال العهدين القديم والجديد ، منطلقا من موضوع الإيمان ؛ ليدرك الإنسان السعادة التي تنتج من الإيمان ، والتي يبحث عنها الإنسان . ووسيلة السعادة عنده هي الإيمان بسرّ التجسد وهو يعوّل في ذلك على الكتاب المقدّس . فخلاص الإنسان يتمّ بواسطة الإيمان بتجسد المسيح وبالإيمان بالثالوث في علاقة الآب بكلّ من الابن ، والروح القدس ، وعلاقة الابن بالروح القدس .
والإيمان بالمسيح عند القديس توما ، يتطلّب الإيمان بالثالوث ، وذلك لأنّ المسيح ابن الله ، قد أخذ جسدًا بنعمة الروح القدس ، يقول توما : “كما أنّ سرّ المسيح آمن به ، قبل المسيح ، الكبار صريحًا والصغار ضمنأ ومن وراء حجاب على نحو ما ، كذلك سر الثالوث أيضا يجب على الجميع بعد زمان إعلان النعمة أن يؤمنوا صريحـًا بسرّ الثالوث ” .
يقول توما : إنّ الإيمان بالثالوث هو الطريق إلى السعادة ….. إن رسالة الأقانيم هي التي تبلّغنا السعادة .
إنّ سرّ الأقانيم الواحدة في التميّز ، هي سرّ حياتنا كلّها . فمن دون المحبّة والإختلاف وحياة الشراكة ، لا نقدر أن نعيش بإستقراريّة وبسلام وبهدوء داخليّ . فالشخص ليس عزلة موحشة ، بل علاقة .

Zenit

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).