الفصح كلمة تعني العبور: في الأصل عبور العبران من مصر أرض العبودية إلى أرض الميعاد فلسطين. ولما اتخذ المسيحيون الكلمة عنوا عبورهم بالمسيح من الخطيئة إلى الحرية والخلاص. هل يفهم المسيحي العادي ان العيد دعوته إلى ان يطلب الخلاص؟ هو إذا فهم لا يبقى أسيراً للأرض، لأشياء الأرض ولأهلها. المسيحية ان تحس بأنك تعيش بالمسيح ومنه وفيه أي ألا تبقى لصيقاً بأي شيء أو بأي أحد من الدنيا. فإذا انتقلت إلى وجه يسوع لا تبقى لأي وجه أسيراً. هل الوجوه لاهية لك؟ لا يمكن ان تراها وتراه. بهذا هو سرّ عشقك له.
هذه الدنيا لاهية. إن لازمتها لا يكون لك مسيح. فاترك إذًا واذهب عنها تكسب حريتك. سر المسيحية انك لا تعبد الله في أفكار وتحصيل فكري ولكن تعبده إن رأيت وجه المسيح وحده وتلاشت الوجوه. والحق ان الذين عرفوا العشق الإلهي عرفوا المسيح ولو لم يسموه. الدنيا لاهية. تمر بها ولا تبقى لأنها وجه جذاب. تجاوزها لئلا يغيب عنك وجه المخلص. هو إذا اتخذها له واستحقت ذلك تراها عنده ولا يحجبها. سر اليه لأن وجهه هو المحجة. مر بالمسيح اليه إذ ليس بعده شيء. إذا استطعت ان تعبر كل الأشياء ولم تستوقفك تحس انك حر. وإذا وصلت اليه لا ينبغي ان تحس بشيء آخر لأن كل شيء آخر شر لك.
أنا ما قلت لا ترَ وجوهاً. قلت لا تقف عند وجه. عندئذ تكون في الفصح. يوم العيد نتلو المسيح قام أكثر من ستين مرة كأن هذه الكنيسة عجزت عن ان تؤلف نشيداً آخر. ماذا تنشد ان أردت؟ أي شيء يضاف الى المسيح قام. اعبر دائماً إذاً بهذا النشيد إلى اقامتك أنت من بين الأموات. فترى انك تحيا.
في الكنيسة البيزنطية المسيح المصلوب مرسوم وعيناه مفتوحتان. المعنى انه ولو مات جسدياً إلاّ ان الموت لم يغلبه. المعنى تالياً ان السيد على الصليب بقي حياً. في المحسوس مات ولكن الموت لم يغلبه. لذلك لا نقف عند الجمعة العظيمة على انها موته ولكن نراها محطة إلى قيامته.