شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | وضع المسيحيين في خطابات سابقة لهنري كيسينجر
وضع المسيحيين في خطابات سابقة لهنري كيسينجر
المسيحية

وضع المسيحيين في خطابات سابقة لهنري كيسينجر

إذا كانت الخطابات التي ألقيت في المؤتمر الذي انعقد في الولايات المتحدة عن وضع المسيحيين في العالم العربي، تلفت النظر، فإنّ الخطط والمشاريع الأميركية الهادفة لإعادة صياغة الشرق الأوسط “الجديد”، هي ما على المفكرين العرب الإنتباه إليه، والعمل على مواجهته، والتي لن تظفر إلاّ بوجود مشروع عربي يقوم على مواجهة المشروع الرأسمالي الذي كان هنري كيسينجر أبرز منظّريه، وهو مشروع بدأت الولايات المتحدة وضعه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وهيمنتها الكاملة على العالم بما فيه أوروبا. إنّ ما يحدث في روسيا، وفي عموم أوروبا، ما هو إلاّ عملية إلحاق بحلف مواجهة الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة، خصوصاً أنّ “داعش”، والتي اعترفت هيلاري كلينتون أن الولايات المتحدة الأميركية هي من صنعتها، هي ذاتها منظمة “بلاك ووتر”، ولكن برأس اسلامي. فالولايات المتحدة هي التي تصنع الحدث الإرهابي، وأوروبا ساحة من ساحاته.
إنّ من حق أميركا كما يرى كيسينجر، التدخل في شؤون أيّة دولة، إنّ ذلك حقاً من حقوقها، بل واجباً عليها، إذا كان التدخل يعود بالفائدة المباشرة على مصالحها. ويضيف كيسينجر: إنّ خروج الشبان في العالم العربي من المعادلة التي تحاول الولايات المتحدة رسمها، تساعد على محو التقليد بين المدنيين والعسكريين ليس مع الأحزاب اليسارية فحسب، بل مع الأحزاب التقليديّة الإسلامية أيضاً، معتبراً أنّ الثورات العربية ليست إلاّ لحظة انترنت تهتم بها قليلاً، ثم لا تلبث أن تنصرف عنها إلى مشاغل حياتية أخرى.
فالثورات العربية، بحسب كيسينجر، “لا تستدعي مطلقاً مراجعة سياسة الولايات المتحدة عربياً، وتأييدنا ودعمنا لهذه الأنظمة، إذ لا أهمية للأيديولوجيات سيان كانت طبقية أو ثورية أو ديكتاتورية أو ديموقراطية، المهم سياسة هذه الأنظمة، ومواقفها من الولايات المتحدة. إنّ السياسات الأميركية السابقة حقّقت أهدافاً مهمة، انتصارنا في الحرب الباردة، وتأمين مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وبخاصّة حماية إسرائيل، وتأمين النفط، وهذا ما تحقّق حين تمّ فرض اتفاقية كمب ديفيد”، ويلحظ كيسينجر أنّ سياسة الجامعة العربية ومجلس التعاون، قد أسهما في المحافظة على الواقع التقليدي غير الثوري وغير الديموقراطي في المنطقة العربية، ويقول: “إننا نعمل من أجل أن تتحوّل الحكومات والتيارات غير الديموقراطية في الشرق الأوسط في اتجاه الصراع مع إيران. إنّ الشرق الأوسط يتجّه شيئاً فشيئاً نحو نظام إقليمي طارد للأقليات، فالمنطقة العربيّة في طريقها لمرحلة ما بعد الأقليات، وهو ما علينا، أن نعمل من أجل نظام إقليمي يخلو من الأقليّات، أو نظام تشكّل فيه الأقليّات دولاً ذات سيادة”…
ممّا سبق، نرى أنّ كيسينجر لم يتبنَّ فقط مفهوم الإسلاموفوبيا الأوروبي، بل ذهب بعيداً، وهو يتنكر لكلّ حقوق الشعوب، ليس العربية والإسلامية فحسب، وإنما شعوب العالم كافة.
لقد قرّر كيسينجر أنّ أميركا أرض محروثة ومحروسة أيضاً، إنّ لهذه الأرض دولة تحميها، ولها مُلاّك، كما أنّ لها سيادة إلهية، أنّ لها حصتها في الأرض المحروثة والخصبة، والقطعة المساحة – التي يوجد عليها هذا، … الأميركي هي أصل الملكية الخاصة في النظام الرأسمالي العالمي. كان ذلك هو الرأي الأوروبي بعد الحرب العالمية الأولى. لكن هذا الواقع انتقل بالوراثة إلى سادة جدد، وهذا ما يعبّر عنه بوضوح السيد كيسينجر الذي يرى أنّ جغرافيات العالم أصبحت أرضاً مشاعاً يحق للولايات المتحدة التدخل في شؤون أية دولة، إنّ ذلك حقاً من حقوقها، بل واجباً عليها، إن كان التدخل يعود بالفائدة على مصالحها.
لذا، فإنّ المساواة التي دعا إليها مفكرو عصر التنوير، قد انتهت، فنمو ثقافة الترف الأميركية، أنهت هذه المساواة، وبالتالي قضت على الأدبيات التي جاء بها مفكرو التنوير والحداثة، وأيضاً ما يسمون أنفسهم بنخب عصر النهضة.
الولايات المتحدة ليس لها حدود، إنها الوصية، باسمه تعالى، على العالم!
إنّها المشرّع، وقاضي الأموات والأحياء، هي التي تخصص لكل شعبّ حصّته من الجنة الدنيوية، كما أنها هي التي تخصص للأموات حصّتهم في الجنة وفي الجحيم!
شعوب الولايات المتحدة الأغنياء هم الخالدون، وعلى الفقراء من خارج هذه الجنة ألاّ يطمحوا إلى ما هو فوق حالهم الفاني، وإلاّ دُمّروا بالصواعق، بخاصة أنّ كيسينجر المنظّر الأبرز للنظام الرأسمالي، كان قد ذهب بعيداً عندما طالب الأنظمة الاستبدادية باستبعاد أيّ فعل للأجيال الجديدة، بهذا وحده يبقى الاستبداد، ويستمرّ الجمود، بل قرّرت الولايات المتحدة تجذير الصراع السني – الشيعي، والتخلص من الأقليات الدينية، وبذلك يتخلص “الإله الجديد” من عقدة الذنب، من أنّ في العالم العربي مسيحيين أو يهودًا، وتبقى الطوائف الإسلامية، في حالة صراع أبدي، وهذه هي الأخلاق الجديدة التي ينظّر لها هذا النظام الذي يرى العالم مشاعاً لنزواته.
هذه هي التعاليم التي تؤسس لا للنازية ممثلة في الحركة الصهيونية.. بل أيضاً، لإيجاد المناخات لنمو تيارات سياسية فاشية في الولايات المتحدة ذاتها، وها هو ترامب المرشح لخلافة أوباما، يحاكي قادة الجبهة الوطنية في فرنسا، أنهما مثالاً للنازية التي دون أن يدري المنظّرون لها ستساهم في تحضير المناخات لحرب عالمية ثالثة، بوادرها واضحة في الإبادة التي تحصل في العالمين العربي والإسلامي، والإسلام السياسي التي أوجدته الرأسمالية العالمية، هو المبرر لهذه الإبادة، ولهذه الفاشية، ولمزيد من الحروب.
فرحان صالح
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).