“التعزية هي عطيّة من الله وخدمة للآخرين؛ ولا يمكن لأحد أن يعزّي نفسه” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وقال لكي نختبر التعزية نحن بحاجة لقلب منفتح كقلب فقراء الروح ولا لقلب منغلق كقلب الظالمين.
استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجية اليوم من رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس والتي يتحدّث فيها بولس الرسول عن التعزية وقال ما يميّز التعزية أنّها ليست أمرًا نقوم به لأنفسنا. إنَّ خبرة التعزية والتي هي خبرة روحيّة تحتاج على الدوام لشخص آخر لتكون كاملة: لا يمكن لأحد أن يعزّي نفسه لأنّه عندها يعزّي نفسه بتلك الأمور المغلقة التي لا تسمح له بالنمو وتتركه في مرجعيّته الذاتيّة. وبالتالي هذه ليست تعزية لأنّه ينقصها وجود الآخر.
تابع الحبر الأعظم يقول نجد في الإنجيل أشخاصًا كثيرين يعيشون هكذا، معلّمو الشريعة على سبيل المثال الذين كانوا ممتلئين بمرجعيّتهم الذاتية أو الغني الذي كان يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَومٍ تَنَعُّماً فاخِراً معتقدًا أنّه كان يعزّي نفسه بهذه الطريقة ولكن ما يعبّر بطريقة أفضل عن هذا الأمر هو موقف الفريسيّ المصلّي القائل: “الَّلهُمَّ، شُكراً لَكَ لأنِّي لَستُ كَسائِرِ النَّاسِ السَّرَّاقينَ الظَّالمِينَ الفاسقِين” لقد كان ينظر إلى نفسه التي زيّنها بالإيديولوجيات ويشكر الله؛ ويسوع يظهر لنا أن أسلوب الحياة هذا لن يقود صاحبه إلى الملأ أبدًا وإنما إلى الكبرياء فقط.
أضاف البابا يقول تحتاج التعزية للآخر لكي تكون حقيقيّة، فنحن ننالها أولاً لأن الله هو الذي يعزّي ويعطينا هذه الهبة، ومن ثمّ تنضج لتصبح تعزية للآخرين، وبالتالي فالتعزية هي عبور من النعمة التي ننالها إلى الخدمة التي نمنحها. إنَّ التعزية الحقيقيّة هي عطيّة وخدمة. وبالتالي عندما أسمح لتعزية الرب أن تدخل إلى قلبي كعطيّة فذلك لأنني بحاجة لمن يعزّيني، لكي ننال التعزية نحن بحاجة لأن نعترف أننا بحاجة إليها وهكذا فقط يأتي الرب إلينا ويعزينا ويعطينا رسالة تعزية الآخرين.
تابع الأب الأقدس يقول لننال التعزية نحن بحاجة لقلب منفتح ولكي يكون القلب منفتحًا عليه أن يكون سعيدًا، وإنجيل اليوم يخبرنا من هم السعداء والذين تحق لهم الطوبى. طوبى للفقراء! ينفتح القلب بموقف فقر، فقر الروح، وبالوداعة والرحمة والجوع إلى البرِّ ونقاوة القلب والسعي إلى السلام: هذه المواقف كلّها تفتح القلب ويأتي الرب إلينا بعطيّة التعزية ورسالة تعزية الآخرين.
وختم البابا فرنسيس عظته داعيًا الجميع كي نسأل أنفسنا إن كان قلبنا منفتحًا وقادرًا على طلب نعمة التعزية ليمنحها بعدها للآخرين كعطيّة من الرب وقال علينا أن نفكّر مرارًا بهذه الأمور خلال نهارنا ونشكر الرب الذي يعزّينا على الدوام ولكنّه يطلب منا فقط أن يبقى باب قلبنا مفتوحًا لكي يتمكّن من الدخول.
إذاعة الفاتيكان