رقد الارشيدياكون رمسيس نجيب على رجاء القيامة، لينضم إلى خوروس سحابة الشهود في المجد الأسنى؛ بعد أن جاهد الجهاد الحسن وأكمل السعي، وترك مثالاً للكنيسة كلها بسيرته وذبيحة تكريسه ونذور بتوليته وحُسن عبادته وصلاح أعماله وبلاغة أقواله ورصانة كتاباته.
وهو وإنْ رحل عنا بالجسد فهو حيٌّ يتكلم بريادته للتكريس البتولي على مستوى الكرازة المرقسية وللخدمة الشماسية، يتكلم بعطر أرثوذكسيته وجِدَّة حياته المستقيمة، يتكلم بريادته لخدمة المغتربيين، يتكلم في التربية القبطية ومناهجها، يتكلم في العمل المسكوني، يتكلم في انفتاحه على الكنائس الأرثوذكسية الشقيقة في العالم. يتكلم في أجيال الشباب القبطي وفي رابطة الخريجين، يتكلم في خدمة الشهيد استفانوس الدياكون الأول؛ وفي كتيبة الشمامسة والمكرسين وقوافل القرى المجاورة والنجوع البعيدة، يتكلم بعظة سيرته وأقواله وكتاباته. يتكلم في تعليمه الدروس الأولية للخدام وفي الصلاة أمام الحمل القائم المذبوح، يتكلم عن التعليم الأرثوذكسي وفضائل القديسين وشفاء النفس، يتكلم في ريادته لخدمة القرية والدياكونيا التي كان أحد روادها الأوائل وأعمدتها مع المتنيح الطيب الذكر أنبا صمؤيل والقمص صليب سوريال والقمص بولس بولس والدكتور طلعت عبده حنين وكثيرين معهم.
كان رمسيس نجيب مشهورًا جدًا كعَلَم وعلامة؛ بينما كان مختفيًا مبتعدًا عن كل ظهور؛ حتى ارتفع المصاعد بغير قياس وانجذب محمولاً بالملائكة المقتدرين قوة، نحو المساكن العلوية التي خدم أعتابها بكل تقوى واستقامة لتنفتح له الأبواب بسعة؛ حيث جعالة الوصول لبيته الأبدي؛ حاملاً صليبه سُلَّمًا للوصول وكازرًا بأخبار الإنجيل السارة مع ساكني بلد غمام مجد الله التي طعامها المن السماوي وشرابها ماء ينابيع الحياة، وأفكارها جواهر المجد، ومحيطها بهاء جمال المواعيد الثمينة، ودرجاتها امتياز الكواكب ونجوم الجلد في مساكن منازل الآب.. وسيحكي التاريخ عنه الكثير.
إنني افتخر بمعرفتي له عن قرب لسنين، وقد دعوتُه مرات عديدة للقاءات أمناء وخدام مدينة الإسكندرية. وكذلك في إنشاء خدمة الدياكونيا الريفية لقرى الإسكندرية، وقد شرُفت بزمالته في عضوية اللجنة العليا للتربية الكنسية. فلينيح الله نفسه القديسة الطاهرة حيث الصديقون يفرحون ويتنعمون في معية جميع من اخترتهم وقبلتهم ليسكنوا في ديارك يارب… يشبعون من خيرات بيتك بمحفل القديسين الذين سلكوا الطريق الكرْب، داخلين الباب الضيقة حاملين النير لينالوا الراحة الدائمة.