تلا قداسة البابا فرنسيس صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج في ساحة القديس بطرس، وركز في كلمته قبل الصلاة على الإيمان مشيرا إلى الاحتفال اليوم بعيد الرسولَين بطرس وبولس، والذي به تتوجه الكنيسة إلى جذور إيمانها حسب ما ذكر. ثم انطلق الحبر الأعظم من قراءة اليوم الإنجيلية (متى 16، 13-19)، والتي يحدثنا فيها القديس متى عن اعتراف بطرس بلاهوت المسيح، وقال قداسته إن هذا الحدث، أي سؤال يسوع التلاميذ حول هويته، هو أساسي بالنسبة لمسيرة إيماننا. فيسوع يسأل أولا “مَنِ ابنُ الإِنسانِ في قَولِ النَّاس؟” (متى 16، 13)، ثم يسأل تلاميذه بشكل مباشر “ومَن أَنا في قَولِكم أَنتُم؟” (متى 16، 15). وتابع البابا فرنسيس أن يسوع بهاذين السؤالين وكأنه يقول إن هناك فرقا بين أن نتبع الرأي السائد وأن نلتقيه هو وننفتح على سره، أي اكتشاف الحقيقة. الرأي السائد، واصل قداسته، يتضمن في كل الأحوال إجابة صحيحة لكنها جزئية، بينما يجيب بطرس بنعمة من الله، ومعه كنيسة أمس واليوم ودائما، على سؤال يسوع بالحق: “أَنتَ المسيحُ ابنُ اللهِ الحَيّ” (متى 16، 16). وذكّر البابا في هذا السياق بالتعاريف العديدة ليسوع عبر القرون، فقد وُصف بنبي العدالة والمحبة العظيم، أو معلِّم الحياة الحكيم، وأيضا بالثوري والحالم بأحلام الله، ووسط هذه التعاريف يتميز هذا الاعتراف البسيط والقاطع لسمعان الذي يُدعى بطرس، هذا الشخص البسيط الممتلئ بالإيمان: “أَنتَ المسيحُ ابنُ اللهِ الحَيّ”.
ثم توقف قداسة البابا عند كلمات بطرس مؤكدا أن كون المسيح ابن الله يعني أنه حي إلى الأبد كما إلى الأبد حي هو الآب، وهذا هو المستجد الذي تنيره نعمة الله في قلب مَن ينفتح على سر يسوع، أي تلك الثقة، التي ليست حسابية بل هي أقوى بكثير لأنها ثقة داخلية، بأننا التقينا ينبوع الحياة، الحياة التي صارت جسدا مرئيا وملموسا بيننا. هذه هي خبرة المسيحي، تابع قداسة البابا، خبرة ليس الفضل فيها للشخص، بل تأتي من الله، الآب والإبن والروح القدس.
وإلى جانب إجابة بطرس التي تتبرعم فيها هذه الحقيقة، هناك إجابة يسوع المليئة بالنور “أنتَ صَخرٌ وعلى الصَّخرِ هذا سَأَبني كَنيسَتي، فَلَن يَقوى عليها سُلْطانُ الموت” متى 16، 18). وأشار البابا فرنسيس إلى أن يسوع، وفي هذه الإجابة، ينطق للمرة الأولى بكلمة كنيسة، وقد فعل هذا معبِّرا عن كامل حبه للكنيسة داعيا إياها كنيستي. وتابع قداسته إنها جماعة العهد الجديد، الذي لم يعد يقوم على النَسب أو الشريعة بل على الإيمان به، بيسوع، وجه الله. وذكّر البابا فرنسيس في هذا السياق بصلاةٍ للبابا الطوباوي بولس السادس جاءت في رسالة رعوية له عام 1955حين كان رئيس أساقفة ميلانو، يتحدث فيها عن المسيح وحاجتنا إليه لأنه يمَكننا من عيش الشركة مع الآب.
ثم ختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي طالبا شفاعة مريم العذراء كي يجعل الرب الكنيسة في روما، وفي العالم بأسره، أمينة دائما للإنجيل الذي كرس له القديسان بطرس وبولس حياتهما.
هذا وذكّر قداسة البابا فرنسيس عقب تلاوة صلاة التبشير الملائكي باحتفاله صباح اليوم بالقداس الإلهي مع الكرادلة الجدد الذين منُحوا القبعة الكاردينالية خلال كونسيستوار الأمس، كما بارك دروع التثبيت لرؤساء الأساقفة الجدد من مناطق مختلفة من العالم، وأكد تجديده التحية والتهنئة مصليا كي يعيشوا بحماسة وسخاء دائمَين خدمتهم للإنجيل وللكنيسة. أشار من جهة أخرى إلى مشاركة وفد بطريركية القسطنطينية المسكونية في الاحتفال بالقداس الإلهي ممثِّلا عن البطريرك المسكوني برتلماوس الأول، واصفا هذا الحضور بعلامة إضافية للشركة والأخوّة اللتين تميزان الكنيستين بنعمة الله، حسب ما ذكر قداسته. وجه بعد ذلك التحية للحجاج والمؤمنين القادمين من مناطق مختلفة من إيطاليا والعالم، وأراد توجيه تحية خاصة إلى مؤمني روما مع احتفال المدينة بشفيعَيها، وأشار في هذا السياق إلى مبادرة تزيين المدينة بالزهور بمشاركة الكثير من الفنانين والجمعيات والمتطوعين الذين وجه قداسته إليهم الشكر.
اذاعة الفاتيكان